بينما كانت لا تزال أبوظبي تحاول التقليل من خطورة توجهاتها الجديدة بالتحول نحو طهران وفق مؤشرات متزايدة وبتقدير محللين سياسيين، شن الحوثيون هجمات نادرة ومميتة على قوات الحزام الأمني المدعومة والممولة إماراتيا بل وتشكل ظل أبوظبي وامتدادا لها في عدن وجنوب اليمن.
صحيفة الاتحاد خصصت افتتاحية لتهدئة مخاوف السعودية من التقارب الجديد مع إيران، وأنور قرقاش لم يتوقف عن إطلاق التغريدات المطمئنة للمملكة، واستنجدت أبوظبي بصديقها سفير السعودية في الإمارات تركي الدخيل ليتحدث عن متانة العلاقات.
ولكن، وعلى نحو مفاجئ وفي هجمات قاتلة وتكاد تكون أول مرة، الحوثيون يستهدفون مقرات أمنية في عدن تضم قوات الحزام الأمني.
حتى بعد نحو ساعتين من الهجمات لم تنشر صحيفة "الاتحاد" أي تغطية لهذا الجوم الذي أسفر عن مقتل نحو 30 عنصرا من القوات اليمنية الموالية لأبوظبي بينهم قادة عسكريين كبارا.
هذا الهجوم، يأتي بعد أقل من يومين فقط من زيارة وفد إماراتي رفيع إلى إيران وتوقيع اتفاقية أمنية بين الجانبين، قيل إنها تتعلق بأمن مياه الخليج.
وكان واضحا أنه حتى قبل هذا الهجوم الحوثي فإن التصريحات والتغريدات والافتتاحيات والاتهامات ضد وسائل الإعلام لم تحجب حقيقة توقيع اتفاقية أمنية بين ابوظبي وطهران.
بعد هجمات اليوم، بدأت تطرح المزيد من التساؤلات حول التقارب الإماراتي الإيراني ومداه، وهل بموجبه تخلت أبوظبي عن اليمن فانسحبت من الحديدة وغيرها وهي التي كانت تعتبر السيطرة على الحديدة مسألة حياة أو موت هزيمة أو انتصار، ثم أعقبه انسحاب من جزر في البحر الأحمر استغرقت أبوظبي سنوات للسيطرة عليها وضمن اتفاقيات أمنية مع واشنطن، حتى وصلت الأوضاع إلى استهداف قوات الحزام الأمني التابعة لها.
فهل تخلت أبوظبي عن هذه القوات وقدمتها عربونا لعلاقات جيدة مع إيران، أم أن الحوثيين خرقوا التفاهمات والاتفاقيات بهدف إحراج أبوظبي، يتساءل مراقبون وناشطون بل والرأي العام الإماراتي واليمني والخليجي برمته، وإلى أين تسير أبوظبي في ظل التحولات المتسارعة؟ وهل قلبت أبوظبي الطاولة على الجميع وتسعى مواقفها الأخيرة لخلط الأوراق بصورة شبيهة لما وصلت إليه الحال في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003؟!