أدخلت أبوظبي الموقف السعودي من إيران على خط المناكفة السياسية بإصرارها على مناقشة ما تصفه التدخل التركي في الشأن العربي على خلفية الأزمة الأخيرة بين بغداد وأنقرة، وجيرت في مطالبتها تلك الجامعة العربية.
فبطلب عراقي ودعم إماراتي عقدت الجامعة العربية في أواخر ديسمبر الماضي اجتماعا وزاريا عربيا طارئا لمناقشة "التدخل التركي في العراق"، وشن أنور قرقاش وزير الشؤون الخارجية هجوما لاذعا ضد أنقرة معتبرا أن تدخلها بالعراق بمثابة العدوان، سانده في ذلك أمين الجامعة العربية نبيل العربي في مقرها بالقاهرة التي تتخذ موقفا مناهضا من تركيا.
ورغم التقارب التركي السعودي الأخير وتطور العلاقات بشكل ملحوظ فقد ظلت أبوظبي توجه الانتقادات للتقارب السعودي التركي وتشكك فيه تارة وتهاجم تركيا تارة، وتسعى إلى خلط الأوراق في ظل الأزمة الراهنة بين الدول العربية وإيران لإدخال تركيا طرفا في هذه الأزمة والدفع للتعامل مع كما يتم التعامل مع طهران.
ولولا ضغط السعودية في اجتماع ديسمبر الماضي لإدراج إيران في مناقشة التدخلات الخارجية لنجحت أبوظبي في إصدار إدانة "على المقاس التركي فقط"، وفق ما أشار إليه الكاتب السعودي جمال خاشقجي الذي أفاد بإصرار الرياض على ذكر اسم إيران.
ورغم أن الأزمة الراهنة عنوانها إيران فقط، ورغم أن زراء التعاون الخليجي سوف يجتمعون السبت لمناقشة الأزمة مع إيران، ورغم أن الجامعة العربية سوف تجتمع الأحد أيضا لذات السبب، ورغم ان اجتماع ديسمبر سيكون قد مضى عليه نحو شهر إلا أن أبوظبي تضغط لعقد اجتماع لمناقشة تدخلات دول الجوار في الشأن العربي، رغم أن التدخلات إيرانية فقط.
فقد أعلنت جامعة الدول العربية، أن اجتماعاً تشاورياً مغلقاً على مستوى وزراء الخارجية العرب، سيعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة قبل نهاية يناير الجاري؛ "لبحث التدخلات الخارجية في المنطقة العربية، لا سيما دول الجوار".
وقال نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، في مؤتمر صحفي عقده اليوم الأربعاء في القاهرة، لاستعراض حصاد عام 2015 والخطوات التي تقوم بها الجامعة العربية لدعم قضايا العمل العربي المشترك: "إن موضوع دول الجوار تناولته القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ، والتي تحدثت عن تدخلات مستمرة من قبل إيران".
وأوضح "أن قرارات من المجالس التابعة للجامعة رفضت مراراً تدخلات إيران في البحرين، واحتلالها جزر الإمارات العربية المتحدة الثلاث في الخليج العربي، وتدخلها في أماكن كثيرة في المنطقة"، مشيراً إلى "أن تلك الموضوعات ستبحث بعمق، خلال الاجتماع الوزاري التشاوري المغلق في الإمارات قبل نهاية الشهر الجاري".
وأكد العربي في هذا الصدد أهمية الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، يوم الأحد المقبل، والذي يأتي بناء على طلب المملكة العربية السعودية بعد الاعتداء على سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد قبل أيام.
ويرى متابعون للشأن الإماراتي أن الخطاب الإعلامي والسياسي الذي تستخدمه أبوظبي ومسؤولون في الدولة يغلب عليه الطابع الدبلوماسي "اللين" عندما يتعلق الأمر بإيران والشيعة مثل حزب الله، أما عندما يتعلق الأمر بتركيا أو الإسلام الوسطي فإن اللغة الهادئة تتحول إلى خطاب هجومي جارح متخليا عن اللياقة واللباقة.
ويرى مراقبون أن أبوظبي تهدف من هذه السياسة الاستفادة من الزخم الخليجي والعربي الراهن المتشكل اتجاه إيران ليستهدف تركيا أيضا، متجاهلة أن الدول العربية والخليجية تدرك تماما أن أبوظبي تدفع لتوترات دبلوماسية من أجل نظام السيسي وبدون خلافات حقيقية مع تركيا وبدون تدخلات تركية في الشأن العربي إلا أنها ترفض الاعتراف بنظام الانقلاب.