فوجيء مواطنو إمارة أبوظبي عام 2007 تحديدا برفع رواتب القطاع العام بصورة كبيرة للغاية وبدأت رواتب الأعمال الإدارية البسيطة مثل السكرتارية من 19 ألف درهم شهريا لموظفين يحملون الثانوية العامة وما دون، فيما تجاوزت نسبة كبيرة من الوظائف سقوف ال100 ألف درهم شهريا حتى في المناصب الإدارية الوسيطة.
رغم أنه تبع هذه الزيادات الكبيرة والخاصة بموظفي إمارة أبوظبي غلاء بعض السلع إلا أن الفروق ظلت لصالح رفع الرواتب. وأخذت تتوسع مؤسسات القطاع العام في إظهار "جودة الحياة" تبعا لمدى الأمان والاستقرار لموظفي القطاع، حتى بات العمل في القطاع العام أقصى ما يتمناه الإماراتيون والمقيمون والذين انعكس عليهم أيضا هذه الزيادة في الرواتب.
سياق انتكاسة متوقعة لمعاشات الإماراتيين
سنوات 2007 وما بعدها شهدت أسعار النفط ارتفاعا ملحوظا وصولا لمستويات قياسية مكنت من التزام الحكومة المحلية في أبوظبي من الاستمرار في هذه الرواتب والامتيازات.
ولكن، ومنذ أكثر من عام أصيبت أسعار النفط بانتكاسات كبيرة انخفض سعر البرميل من 140 دولار إلى أقل من 37 دولار حتى الأيام القليلة الماضية.
انخفاض أسعار البترول ليس هو العامل الوحيد في إعلان الإمارة عن قانون جديد ينئشئ هيئة الموارد البشرية بعد تخبط سابق كان يتمثل بوجود دائرة الخدمة المدنية قبل حلها ثم عودة تأسيس هيئة للموارد البشرية الأن للإمارة.
مؤثرات أخرى دفعت حكومة أبوظبي لإعادة تشكيل هيئة موارد بشرية منها دعمها المالي الخارجي الكبير لمشروعات إقليمية مثل نظام الانقلاب الذي حظي وحده بنحو 66 مليار درهم خلال عامين فقط، فضلا عن 40 مليار درهم هي مساعدات لدول خارجية أيضا. وكان لدخول أبوظبي في تحالفات وشراء صفقات كبيرة من السلاح وتمويل الثورات المضادة تأثيرا كبيرا على أموالها واحتياطاتها المالية وصندوقها السيادي الذي يعتبر الأكبر في العالم بنحو 700 مليار دولار.
هذه العوامل مجتمعة، لم تدفع فقط لصدور قانون موارد بشرية في الإمارة وإنما أدى إلى رفع الأسعار داخليا بصورة كبيرة مع رفع اسعار الوقود والكهرباء والمياه والخضار والفواكه والخدمات وكل مناحي الحياة حتى بات مصطلح "جودة الحياة" أقرب للطرفة كما يقول إماراتيون، كما تراجعت درجات الدولة في مؤشر التنمية والازدهار والرخاء والرفاه بصورة حادة خلال العام الماضي ومنذ الثلاثة الأعوام الماضية.
القانون الجديد.. البند السادس
أصدر الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، بصفته حاكماً لإمارة أبوظبي القانون رقم (7) لسنة 2015 بشأن إنشاء هيئة الموارد البشرية لإمارة أبوظبي. وقد نص القانون على صلاحيات هذه الهيئة بصورة واضحة ومحددة، ومنها البند السادس.
ويحدد البند السادس، قائلا، "مراجعة جداول الرواتب والعلاوات والبدلات المختلفة التي تمنح للموظفين لدى كافة الجهات الحكومية وإجراء الدراسات حولها، ورفع توصياتها المتعلقة بذلك إلى المجلس التنفيذي للاعتماد".
وإزاء هذالبند الذي يسبق أيضا قانون التأمينات الاجتماعي الذي يشغل حيزا كبيرا في اهتمامات الإماراتيين ويتخوفون منه كثيرا، يتوقع مراقبون أن هذه المراجعة سوف قد تسفر عن خفض الرواتب في الإمارة بصورة ملحوظة رغم رفع الأسعار وارتفاع تكلفة الحياة، ما يعني أن العصر الذهبي الذي عاشه مواطنو أبوظبي بضع سنوات قد يكون في طريقه للأفول وأن يصبح تاريخا.
ومع ذلك، فإن إماراتيين لا يتوقعون أن هذا الخفض يصل لنفس رواتب موظفي الدولة الإماراتيين في القطاع العام المحلي أو الاتحادي كون رواتب موظفي أبوظبي ظلت على الدوام أعلى من أي رواتب موظفين بالدولة بمقدار 7 أضعاف.
ما لا يعرفه الإماراتيون إن كانت المراجعة سوف تطال رواتب أمثال برنادينو ليون أو مخصصات محمد دحلان أو أحمد شفيق وغيرهم من الهاربين من بلادهم، إذ كشفت الصحف البريطانية مؤخرا أن راتب الدبلوماسي الإسباني ليون نحو 35 ألف جنيه استرليني شهريا في وظيفة مدير أكاديمية الإمارات الدبلوماسية في أبوظبي.