يتوجه غدا نحو 230 ألف طالب وطالبة من مختلف السنوات الدراسية إلى مدارسهم إيذانا ببدء العام الدراسي (2015-2016)، وسط فوضى تعليمية تهدد انسيابية عملية التعليم وسهولتها في الدولة. فمن إخفاق توزيع الزي المدرسي، إلى إلغاء الأنشطة والطابور الصباحي لأول أسبوعين، إلى زيادة اليوم المدرسي (50) دقيقة، إلى صمت وزير التربية والتعليم حسين الحمادي ثم سفره إلى روسيا، مع استقالات جماعية لمدراء مدارس ومعلمين في مختلف إمارات الدولة، حتى تصريحاته اليوم (29|8) لصحيفة الخليج المحلية والتي لم تقدم إجابات محددة وواضحة لسيل التساؤلات أو حلول لفيض المشكلات أو اقتراحات لمواجهة "جيش" المستقيلين، كما يصف ناشطون.
تاريخ تعثر أهم وزارة في الدولة
لوزارة التربية كما يصف ناشطون تاريخ طويل من التعثر يدفع ثمنه أبناؤنا نتيجة قرارات ينقض بعضها بعضا، وخطط على أنقاض خطط حتى بات الميدان التعليمي حقل تجربة في وقت لا تسمح أهمية وحساسية هذا الميدان للتجارب الفاشلة وإعادة تجارب بديلة. فقد طرحت وزارة التربية والتعليم عام 2000 ما سمي "رؤية 2020" والتي ألغاها وزير التعليم نهيان بن مبارك آل نهيان عام 2005 نظرا "لعدم صلاحيتها" وفق تصريحات للوزير لصحيفة الخليج في سبتمبر من عام 2005، وتأكيد أن الإنفاق على المرحلة الأولى تجاوز الميزانيات المرصودة بنسبة 100%.
ودخل المجال التعليمي بعد ذلك، تجربة المدارس الفنلندية، ومدارس الغد، والمداس النموذجية،.. ولا تزال مخرجات التعليم متعثرة.
ومؤخرا تم الإعلان أن عام 2015 عام الابتكار، سيكون عام الابتكار لتطوير التعليم في الدولة، وأعلن نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي محمد بن راشد عن "برنامج رفاهية المعلم" إلى جانب الالتزام بتطوير ميدان التعليم برمته.
ولم تمض أياما قليلة حتى أخذت تطفو على السطح مشكلات الموسم الدراسي الجديد وخاصة الإخفاق في ابتكار آلية توزيع جديدة، ما دفع أهالي الطلاب مناشدة الوزارة العودة إلى نظام التوزيع القديم، وفق تحقيق نشرته صحيفة "الاتحاد" بتاريخ (21|8) الجاري.
وانتقد كُتاب إماراتيون نظام توزيع الزي المدرسي. علي العمودي في صحيفة "الاتحاد" كتب مقالا بعنوان "كراتين الإبداع" بتاريخ (23|8) وصف توزيع الزي" بأنه " صورة من صور سوء التنفيذ والتخطيط "، وعقب، " ما جرى في منافذ البيع لا يرقى لمستوى وزارة عهد إليها نشر الابتكار وحسن التخطيط بين الأجيال"، مطالبا بالعودة إلى النظام القديم وليس ابتكار هذه الآلية المتعثرة.
أما الكاتبة عائشة سلطان، فقد وصفت في مقال لها ما جرى في واقعة الزي المدرسي، "عملية توزيع الزي المدرسي شكلًا ومضموناً أعادتنا 30 عاماً للوراء".
مسؤوليات الوزير... وتبرير الإخفاق
حافظ حسين الحمادي وزير التربية والتعليم على الصمت طوال الأزمات التربوية والتعليمية المتلاحقة والمتفاقمة، كما أنه ترك مسؤولياته الميدانية والمباشرة وسافر إلى روسيا مع وفد الدولة إلى موسكو الأسبوع الماضي في وقت تفرض فيه أصول الإدارة ومتابعة المشكلات وحلها أن يكون الوزير على رأس عمله وإلغاء أية مواعيد أو التزامات سابقة أو لاحقة ضمن ترتيب أولويات وحاجات الميدان التربوي الذي غادر الوزير الدولة في ذروة انطلاقته والتحضير له وضمن سياق متلاحق من القرارات التي كانت بحاجة إلى شرح وتوضيح لإدارات المناطق التعليمية والمدارس والمديرين والمعلمين والطلاب وأولياء الأمور.
الغريب أن عائشة سلطان في مقالها المشار إليه سابقا، وهو بعنوان "تقاعدوا..."، بدا مدافعا بصورة مباشرة عن الوزير الحمادي أو أي وزير آخر ملقية باللوم والمسؤولية على المسؤولين الذين يعملون تحت إمرة الوزير. تتساءل سلطان عن أسباب إخفاق الوزير"، "ماذا عن جماعات الظل في المؤسسة؟ المساعدون والوكلاء ومديرو الأقسام و...؟ لماذا يبقون عشرات السنين يفرخون ولاءات تناصرهم ومصالح وصراعات وأعوان يدافعون عنهم وصحفيون يلمعونهم باستمرار؟ هؤلاء ماذا كانوا يفعلون عندما كان المسؤول الأول يمارس الفشل تلو الآخر، بينما هم يتفرجون عليه؟ لقد رحل وبقوا هم حراس البيروقراطية العظام؟ لماذا لم يرحلوا مثله؟". وتجاهلت "سلطان" أن المسؤولية الأخلاقية والوطنية وكما في كل دوم العالم المتحضر تحتم على الوزير الاستقالة حتى ولو كان مرتكب الخطأ صغار الموظفين. لماذا لم يقم الوزير بإقالة جميع من ذكرتهم أم ينتظر أن يأتي وزير آخر من وزارة أخرى لإقالتهم. لذلك، يرى ناشطون أن أسلوب مقال "سلطان" لا يعفي الوزير من مسؤولياته، وإذا وجد عنتا في ممارسة مهامه فليرحل بكل "شرف" سواء كاشف الرأي العام أم آثر الصمت.
تصريحات الوزير.. تنصل من المسؤولية
تحدث الوزير الحمادي لصحيفة "الاتحاد" عن "مجلس المعلمين" الذي يضم 220 معلماً ومعلمة الذي استحدثته الوزارة للمشاركة في صناعة القرار، وفي أعمال التخطيط للسياسات التربوية والتعليمية، وتقديم الاستشارات اللازمة، وإدارة دفة التطوير"، وكل ذلك حسب الحمادي، الذي لم يوضح كيف اختير أعضاء المجلس ومن اختارهم وما هي أسس اختيارهم.
وكشف الحمادي عن أن الوزارة لا تزال تعمل على إعداد برنامج يحقق رفاهية المعلم، لتكون الفرصة كاملة أمام المعلم لتحسين أوضاعه بشكل متواصل ومستمر، بما فيها امتيازاته المادية والمعنوية.
وحول استقالات معلمين رأس الخيمة، قال إنه "لا علاقة للاستقالات أو التقاعد بقرارات الوزير الأخيرة، خصوصاً ما تضمنته الخطة الدراسية المطورة، التي تضمنت 8 حصص يومياً.
وأضاف "الفروقات البسيطة التي تمت لا تستحق كل هذه الضجة".
وادعى الحمادي أنه لم يجر أي تحقيق مع نائب مدير منطقة رأس الخيمة التعليمية، وأنه لم يُحل إلى تحقيق، قائلا، "ما حدث أن الإدارة طلبت منه ملء استمارة معدة لهذا الغرض لأنه تحدث إلى الصحافة من دون أخذ إذن مسبق". ناشطون أشاروا إلى أن الوزير والوزارة لديهم الوقت والاهتمام بمساءلة ومحاسبة المسؤول التعليمي لحديثه لوسائل الإعلام ولكن ليس لديهم وقتا أو اهتماما لمعالجة المشكلات التعليمية التي لا تنتهي، على حد تعبيرهم.