أثار قرار القضائي الإماراتي الذي صدر أخيراً بحظر خدمات الاتصال المجاني عبر الانترنت في الدولة، العديد من التساؤلات، وذلك بعد تغليف القضية بالشكاوي التي تقدمت بها شركتا الاتصال الوحيدتان في الدولة لحظر خدمات الاتصال المجاني، في حين يرى البعض أن لها أسباباً أخرى.
فعلى الرغم من أن عالم التقنية والهواتف الذكية شهد طفرة نوعية في الدولة خلال السنوات القليلة الماضية، أتاحت للمستخدمين الخروج من عباءة وسيطرة وسائل التواصل التقليدية المتمثلة بشركات الهواتف الأرضية والخليوية، التي كانت تسيطر على سوق الاتصالات في جميع دول العالم، إلا أن التضييق الذي تمارسه الدولة على مستخدمي الانترنت في التواصل يثير كثيرا من الأسئلة حول دواعي الأمر.
فقد اعتبره البعض أن ما قامت به الدولة من إجراء المنع هو بمثابة عملية انقلاب من قبل الدولة على نفسها "تقنياً". ففي الوقت الذي تتباها بالتطور التقني عن باقي الدول، لا سيما العربية، ليس آخرها مشروع "نخلة الانترنت"، يفاجأ الجميع بقرار حظر الاتصالات على شبكة الانترنت المجانية والذي يعتبر البعض أن له أبعاداً سياسية وأمنية أكثر من أن تكون اقتصادية، رغم أهمية الأخيرة وحق المواطن في الاتصال المجاني عبر التقنيات المتطورة.
ساهمت برامج الاتصالات عبر الانترنت، مثل خدمات الاتصال "فايبر" و"واتساب" وغيرها، في غياب رقابة الدولة على محتوى التواصل، في ظل الإقبال الكبير من قبل المستخدمين وهي الخدمات المتاحة للملايين حول العالم.
هيئة تنظيم الاتصالات في الإمارات زعمت إن المكالمات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت بما فيها "سكايب"، تعد من الأنشطة المنظمة في الدولة في إطار القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2003 وتعديلاته بشأن تنظيم قطاع الاتصالات في الدولة. وأوضحت الهيئة أن الشركتين المرخص لهما وهما مؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات)، وشركة الإمارات للخدمات المتكاملة (دو)، منحتا بمقتضى القانون أحقية تقديم مثل هذه الخدمات عبر شبكاتهما، وعلى الشركات الراغبة في تقديم مثل تلك الخدمات التنسيق مع الشركتين في هذا الشأن كشرط لتقديم الخدمة، ما يعني ضرورة وجود جهة رقابية على الاتصالات وهو ما يرفضه العالم المتقدم في ظل الانفتاح التقني.
يشار إلى أن متصلين عبر برامج "سكايب" واجهوا صعوبات متزايدة خلال الفترة الأخيرة؛ ما اضطرهم إلى زيادة اللجوء إلى استخدام برامج فك شفرة البرامج المحظورة.
ويرى المتابعون إن المحاولات التي قامت بها الدولة للحد من استخدام البرامج المجانية للاتصال عبر الإنترنت لم تفلح في كبح جماح المستخدمين عن الولوج إلى هذه البرامج؛ إذ أصبحت مكوناً أساسياً في العلاقات الاجتماعية لسكان الدولة من المواطنين والمقيمين، فسياسة الحظر لم تفلح أمام التطور الهائل في مجال الاتصال والتواصل عبر الهواتف الذكية.