منذ وقت ليس ببعيد، وصف الرئيس الأمريكي “باراك أوباما”، اليمن بأنه نجاح في الحرب ضد الإرهاب. وقال أوباما في خطاب رئيس في سبتمبر، حدد من خلاله نهجه في هزيمة الدولة الإسلامية: “استراتيجية القضاء على الإرهابيين الذين يهددوننا، في نفس الوقت الذي ندعم فيه شركاءنا في الخطوط الأمامية، هي استراتيجية اتبعناها بنجاح لسنوات في اليمن والصومال“. ولكن، وفي غضون أسابيع من نطق الرئيس الأمريكي بهذا التصريح، احتلت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران عاصمة اليمن، صنعاء. والآن، ازدادت الأمور في ذلك البلد سوءًا.
فقد استولت قوات الحوثي على كل من القصر الرئاسي ومقر الحرس الرئاسي في العاصمة اليمنية، آخذةً عشرات من الرهائن، بالإضافة إلى ترسانة من الدبابات والمدفعية. وكان لا يزال مصير الرئيس الاسمي للبلاد، والذي تدعمه الولايات المتحدة، عبد ربه منصور هادي، غير واضح، رغم أنه شوهد للمرة الأخيرة داخل مقر إقامته. وذكرت السفارة الأمريكية في صنعاء أن المسلحين الحوثيين أطلقوا النار على واحدة من مركباتها الدبلوماسية، ولكن لم يصب أحد في هذا الهجوم.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام فقط من تذكير الغرب بوحشية في باريس أنه لا يستطيع أن يبقى غير مبال بحالة الفوضى التي تسود في هذا البلد العربي الفقير. حيث كان واحد على الأقل من الإخوة كواشي قد تدرب على استخدام الأسلحة في اليمن، وتبنى فرع تنظيم القاعدة الذي يتخذ من اليمن مقرًا له تنفيذ الهجوم على مكاتب تحرير مجلة شارلي إيبدو.
وإذا ما كان الحوثيون قد أطاحوا الآن بالحكومة التي تعد شريك الولايات المتحدة في اليمن، فإن الغرب سوف يحتاج إما لشريك جديد أو لاستراتيجية جديدة هناك.
وغالبًا ما تم وصف الحوثيين باعتبارهم طائفة أو قبيلة. ولكن سيكون من الدقيق أكثر أن نقول إنهم حركة شيعية سياسية متطرفة على غرار حزب الله، شعارها هو “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام“.
وفي العام الماضي، سيطر الحوثيون على المدينة الساحلية اليمنية، الحديدة، إلى الشمال مباشرةً من مضيق باب المندب الذي يفصل بين البحر الأحمر والمحيط الهندي. وجنبًا إلى جنب مع مضيق هرمز، سوف تمنح هذه السيطرة إيران القدرة على تهديد كل من نقاط الاختناق البحرية المحيطة بشبه الجزيرة العربية.
وسيكون مغريًا للبعض رؤية الجانب المشرق لسيطرة الحوثيين، بناءً على النظرية القائلة بأن الجماعة الشيعية هي في حالة حرب مع تنظيم القاعدة وفروعها السنية الراديكالية. ولكن نهج ترك الأمور تقوم بترتيب نفسها لن ينجح هنا، نظرًا إلى أنه ليس من المرجح أن يستطيع أي من الجانبين هزيمة الآخر، وهو ما سيؤدي إلى تقسيم البلاد فعليًا إلى معسكرين راديكاليين، وهو ما من شأنه أن يعقد ويضاعف المخاطر. لقد تعاونت حكومة هادي مع القوات الأمريكية التي استهدفت تنظيم القاعدة في اليمن، لكن الحوثيين لن يفعلوا الشيء نفسه. قد نصبح في مواجهة اثنين من الملاذات الإرهابية الآمنة في هذا البلد.
وما ينبغي أن تفعله الولايات المتحدة هنا هو أن تصر إدارة أوباما على أن ضمان الحوثيين لسلامة هادي، والإفراج عنه إذا كان في الحجز. وقد تحتاج المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة أيضًا إلى تنسيق استراتيجية لطرد الحوثيين من صنعاء.
انهيار اليمن هو تذكير آخر، جنبًا إلى جنب مع العراق، بأن مكافحة الإرهاب بشكل خفيف لا تعمل، وأنه يتوجب على الولايات المتحدة أن تفعل المزيد لدعم حلفائها، وإذا لزم الأمر، مدهم بالقوات على الأرض.
إذا لم يكن من الممكن عكس الأمور في اليمن، فإن سقوط هذا البلد سيقرب وقوع الحرب الإقليمية الشاملة بين السنة والشيعة المتطرفين في الشرق الأوسط، وهي حرب سيكون حلفاء الولايات المتحدة عالقين في وسطها.