تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها في العراق على تقسيم البلاد طائفياً بصمت، إذ أقرت الحكومة في بغداد الشهر الماضي تشكيل جيش جديد يحمل اسم (الحرس الوطني) لنشره في المدن، في الوقت الذي تتزايد المخاوف من أن يكون هذا التشكيل العسكري الجديد مقدمة لتقسيم العراق طائفياً، خاصة وأن القرار الحكومي العراقي تم بموجب وصفة أمريكية سابقة. ويريد النظام في العراق مواجهة القوات التابعة لتنظيم "داعش"، حيث ينص القانون الذي وافقت الحكومة على مستودته وكشفت عنه مؤخراً على تكوين جيش "سني" في المناطق التي يسيطر عليها "داعش" وسحب الجيش الاتحادي من تلك المناطق حتى بعد تطهيرها.
وتسود المخاوف في العراق من أن يتحول "الحرس الوطني" الى ميليشيا طائفية جديدة تستهدف مناطق بعينها، أو أن يتقسم التشكيل ذاته على أساس طائفي، بحيث تتقاتل مجموعات الحرس الوطني السنية مع نظرائها من الشيعة، ويتقسم العراق تبعاً لذلك بشكل طائفي. ونقلت جريدة الأخبار اللبنانية عن المحلل السياسي حسن العاني قوله أن "حكومة العبادي قد شربت الطعم، بعدما وضعتها الولايات المتحدة بين خيارين أحلاهما مر، فإما قبول "داعش" أو "التقسيم"، ففضّل العبادي ومن معه من الكتل السياسية الخيار الأخير بعدما وافق على بناء جيش وفق أسس مناطقية وطائفية". ويرى الكاتب السياسي، ربيع نادر، أن هناك مآرب غير واضحة المعالم تقبع خلف تشكيل "الحرس الوطني" لا سيما أنه لم يأت كحل "محلّي"، وإنما وفق الرؤية الأمريكية للوضع الراهن، بحسب ما قال للصحيفة اللبنانية.
ويضيف نادر إن ما هو "منصوص عليه في مسودة قانون الحرس الوطني، يضع هذه التشكيلات كرديف للقوات الأمنية، لكن هناك مخاوف من أن تتخذ بعض المحافظات التي عاشت ارتباكات أمنياً من هذه القوات، بديلاً عن الجيش العراقي". وتسيطر قوات تابعة لتنظيم "داعش" حالياً على مدينة الموصل وهي ثاني أكبر المدن العراقية، اذ يبلغ تعداد سكانها 1.8 مليون نسمة، فيما تتخوف الولايات المتحدة والقوى الغربية من أن يتمكن "داعش" من اقتحام بغداد والسيطرة عليها ليكون العراق بأكمله قد سقط بأيدي مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية. وما يخشاه الكثير من العراقيين اليوم أن تتقسم بلادهم طائفياً، وتصبح ثلاثة دول بفعل الأمر الواقع، بحيث تصبح أجزاء من العراق دولة سنية، وأجزاء أخرى دولة شيعية، ويستقل الأكراد في الشمال ليؤسسوا دولة مستقلة لهم .
ومؤخرا حذر العديد من القيادات الشعبية العربية، من الاتجاه نحو حل مشاكل المنطقة على أساس طائفي، قائلا " أن الطائفية هي البديل إذا عجز العرب عن حل مشاكلهم بصورة تقوم على احترام حقوق المواطن والمساواة والعدالة". ويبدو أن ما ستلجأ إليه واشنطن هو تقسيم المنطقة طائفيا ومذهبيا حتى تظل هذه الدول في صراع دائم كما الصراع بين إيران الشيعية والدول العربية السنية، ولا تسعى للحل الطائفي من أجل حل المشكلات التي أرهقت المنطقة.