عشرات التساؤلات تُطرح، بعد ان أعلنت "فرنسا" شن بعض الهجمات على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الأمر الذى تلى إعلان الولايات المتحدة، الحشد؛ للوقوف أمام ذلك التنظيم، واصفةً إياه بـ"الارهابي"، الشيء الذى اعتبره محللون بأنه مجرد "شو إعلامي".
شمل الحشد حتى الآن، الكثير من دول العالم، التي تأثرت بسياسة التهويل الإعلامي، حول تنظيم الدولة الإسلامية، وخاصةً حلفاء واشنطن في المنطقة، ومن هذه الدول مثلاً المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والأردن، ومصر، وتركيا، وغيرهم، إضافةً إلى قوات البلد "المضيف" العراق.
وبعد اجتماعات قمة دول حلف شمال الأطلسي، في مقاطعة "ويلز" البريطانية، مطلع سبتمبر الجاري، بحضور نحو 60 من رؤساء الدول، وبعد حصول التوافق على خطورة تنظيم "داعش"، والاتفاق على حربه، تحركت الرئاسة والدبلوماسية الأميركية؛ لحشد دول العالم، وتعميم فرضية "خطر داعش"، وإشعار هذه الدول بقرب تحرك هذا التنظيم، وهيمنته على ملفات الأمن في أوروبا وآسيا.
الكثير من التساؤلات طرحت خلال الفترة الماضية، حول ما إذا كان الأمر مجرد تهديدات، أم أن تلك التصريحات والضربات الضعيفة تنبئ بحرب قوية قادمة.
إن تحليل الموقفين الأميركي والأوروبي، من موضوع خطر "داعش"، يبدو غير مرتبط بما يسيطر عليه التنظيم من أراض في سوريا والعراق تحديدًا، حيث لم تحرك هذه الدول ساكنًا إزاء تمدد التنظيم في مساحات كبيرة بسوريا، ثم سيطرته شبه الكاملة على ثلاث محافظات مركزية في العراق.
لكن المعلومات الاستخبارية للدول الغربية ترى أن ظهور "خليفة" لهذه الدولة، المعلنة في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش"، من حدود كردستان العراق حتى حدود لبنان مرورًا بمحافظات سورية، وامتلاكه القدرة المالية، والتجهيزات اللازمة؛ للحشد وإدارة المعارك، إضافةً إلى قدرته على استخدام الإعلام بشكلٍ متقنٍ، ومواكب لتقنيات العصر، ما جعل من هذه الدولة منارًا يهتدي إليه كل من لديه شعور بالحيف، أو الظلم أو التهميش، سواءً له شخصيًا أو للإسلام كدين.
ثم سجلت دوائر الاستخبارات الأوروبية، والأميركية، استقطاب الكثير من الشباب المسلمين من بلدانهم، وتورطهم بالعمل مع مقاتلي هذا التنظيم، والخطر هنا هو إعادة تصدير "الإرهاب"، من الشرق الأوسط إلى دول أوروبا والولايات المتحدة، من خلال آلاف الشباب المعبأين أيديولوجيًا والمدربين تدريبًا عاليًا.
من جانبه، يرى وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، أن تنظيم الدولة الإسلامية، وسائر الجماعات الإرهابية الإسلامية الأخرى، غير منظمة وغير مستقرة، وخطيرة للغاية، فهي تهدد بنى الدول السيادية، وتدفع أعدادًا كبيرةً من السكان للنزوح هربًا من وحشيتها، ما يحتم عواقب وخيمة على حلفائنا وأصدقائنا في المنطقة.
وأضاف أن رفع درجة التأهب الأمني، في المملكة المتحدة، لا يعود فقط لتهديد جماعات - مثل داعش- أمن المصالح البريطانية في الخارج وحسب، بل للتهديد الخطير الذي باتت تشكله على الأمن القومي في المملكة المتحدة، والغرب، والعالم العربي على حدٍ سواء، وأنها سوف تسعى على الأرجح عاجلاً إلى توجيه ضربة لنا في الداخل.
ومن جهةٍ أخرى، حمل مدير الاستخبارات البريطانية (M.I.6)، جون ساويرز، الغرب مسؤولية صعود "تنظيم الدولة"، وقال في تصريحاتٍ، نقلتها صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إن الفوضى التي نشأت في سوريا، وأدت إلى صعود تنظيم "داعش"؛ جاءت بسبب عدم تدخل الغرب في الحرب الأهلية.
وأضاف، في تصريحاتٍ نادرة، أن الطريقة التي رد فيها الغرب على الحروب الأهلية في دول أخرى خلقت "معضلات حقيقية".
وتحدث "سويرز"، لصحيفة "فايننشال تايمز"، بأن درس العراق وأفغانستان، أظهر أنه يمكن الإطاحة بأنظمة الحكم، ولكن بناء البلاد يحتاج لسنوات طويلة، وتابع: "إذا قررنا عدم البناء، كما فعلنا في ليبيا، فعندها نقوم بالإطاحة بالحكومة وتنتهي بدون شيء. وفي حالة عدم التدخل فإنك تواجه وضعًا، كما حدث في سوريا".
وجاء تدخل فرنسا؛ لزيادة الضغوط على بريطانيا للانضمام للغارات الجوية، لكن رئيس لجنة الدفاع في البرلمان، روري ستيوارت، حث الحكومة على عدم التسرع، واتخاذ قرار، قائلاً: "هناك الكثير من التساؤلات حول الغارات الجوية، هل نشنها لتحقيق أهداف دبلوماسية، أم حتى نحافظ على صداقتنا مع الغرب، أو لأنها تغير الوضع على الأرض، وحتى نحصل على صورة عن الوضع، وكيفية تغييره.. يجب علينا ألا نفعلها فقط، لأن فرنسا بدأت بها قبلنا"، بحسب الصحيفة.