التقى الرئيس الأميركي أوباما مع الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في لاهاي بهولندا، حيث بحث اللقاء في أهمية الحفاظ على الأمن والسلم بالشرق الأوسط ودعم الاستقرار في الخليج.
زيارة الرئيس الأميركي للرياض ومناقشاته مع الملك عبد الله بن عبد العزيز تصب في نفس المسار. لكن لماذا يزور الرئيس الأميركي المنطقة؟ ولماذا يهتم رئيس أكبر دولة عظمى بإقناع قادة الخليج بأن سياستها تجاه بلدانهم لم تتغيّر كثيراً؟
علينا أن نعي أن السياسة الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط لم تتغيّر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فمن أهم ركائز هذه السياسة ضمان استمرار المصالح النفطية الأميركية، وضمان أمن إسرائيل وتفوقها الدائم، ومنع أي قوى إقليمية أو دولية منافسة من السيطرة على هذه المنطقة. كما تسعى الولايات المتحدة لضمان أمن واستقرار الأنظمة الصديقة في المنطقة.
لكن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 المؤسفة، رأت الولايات المتحدة أنها بحاجة لمواجهة الإسلام السياسي الجهادي المتطرف، وتبنت أفكار فرانسيس فوكوياما الذي أكد في كتاباته أن الرأي العام العربي لا يتجه في صالح الليبراليين والعلمانيين من أنصار الغرب، وإنما يؤيد الإسلاميين. وتوقع فوكوياما أن الانتخابات الديمقراطية غير الناضجة ستأتي حتماً بالمسجد إلى الساحة العامة، ليندثر دور القوى المعتدلة والمتسامحة، لذلك لا غرابة في تقارب الولايات المتحدة مع «الإخوان المسلمين» بعد فوزهم بالانتخابات في كل من مصر وتونس. فالولايات المتحدة ليست لديها مشكلة مع «الإخوان» ما داموا قد وصلوا إلى السلطة عن طريق اختيار الشعب، لاسيما أن وصولهم للحكم في مصر لم يدفعهم لإلغاء اتفاقيات كامب ديفيد، بل لعبوا دوراً في التهدئة بين إسرائيل وحركة «حماس» التي تهيمن على قطاع غزّة.
وجاءت المراجعة الأميركية الأخيرة بعد فشل التجربة الإسلامية في كل من مصر وتونس، حيث سعى «الإخوان» إلى أخونة الدولة والانفراد بالسلطة وإقصاء القوى السياسية الأخرى، وحاولوا تسييس القضاء والقانون والتعليم وغيرها.
والمصيبة أن مراجعة السياسة الأميركية جاءت على حساب الثورة السورية التي فجرها الشباب السوري في البداي، لعبت دول الخليج دوراً في دعم التيّارات المعتدلة فيها، لكن دخول «الإخوان» والقوى الإسلامية الجهادية على الخط جعل الغرب وأميركا يراجعان سياستهما في دعم المقاومة السورية. وما أزعج دول الخليج هو أن المراجعة الغربية جاءت بعد أن تزايد تدخل إيران و«حزب الله» اللبناني والمليشيات العراقية المتطرفة، لمصلحة النظام السوري ضد الأغلبية السنية.
الولايات المتحدة لن تتدخل عسكرياً في سوريا أو أي بلد آخر، لأن تجربتها المرّة في أفغانستان والعراق جعلتها تعيد النظر في سياسة التدخل العسكري المباشر. فقد ضحت بآلاف من شبابها لتحرير أفغانستان من النفوذ السوفييتي، لكن جاءت «طالبان» لتحاربها.. كذلك خلّص الأميركيون العراق من حكم الطاغية صدّام حسين فتحول قادة العراق الجدد باتجاه إيران لاعتبارات مذهبية.
علينا في الخليج تفهم الدور الأميركي، ومراجعة سياساتنا في دعم جماعات الإسلام السياسي. فالولايات المتحدة دولة صديقة، ومهما كانت توجهاتنا تجاه آسيا، فالولايات المتحدة ستبقى دولة عظمى يمكن الاعتماد عليها، أياً كانت طبيعة الخلافات معها.