كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن هوية العدو الأول لإسرائيل، والذي يعد الفلسطيني محمد ضيف، القائد العسكري لكتائب الشهيد عز الدين القسام، وقالت الصحيفة الأمريكية أن القيادي في كتائب القسام، دوخ إسرائيل لأكثر من ثلاثة عقود عبر العمليات الانتحارية وعمليات اختطاف الجنود.
وأكدت الصحيفة وفقا لترجمة موقع شبكة "سي إن إن" الأمريكية بالعربية فقد "نجا ضيف من عدة محاولات لاغتياله من قبل إسرائيل، ما دعاها إلى تسميته بلقب "القطة بسبعة أرواح."
وأوضحت الصحيفة الأمريكية ذاتها أن إسرائيل تعتبر "محمد ضيف" العائق الأول أمام وقف الأزمة بالمفاوضات، منوهة إلى أن "كفة الأطراف الميدانية في حركة حماس عادة ما ترجح فوق باقي الأطراف".
ولكن إسرائيل تعتبر ضيف "العدو رقم واحد، وكقائد عام لكتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس، فقد دوخ ضيف إسرائيل لأكثر من ثلاثة عقود، حيث أرسل انتحاريين، ووجَّه عمليات اختطاف الجنود الإسرائيليين، ونجا من عدة محاولات اغتيال قامت بها إسرائيل واستحق بذلك وصف (قط بسبع أرواح)".
وتعتبر الاستخبارات الإسرائيلية ضيف العقل المدبر الذي يقف وراء استراتيجية حماس العسكرية؛ أي تصنيع وإطلاق الصواريخ على إسرائيل وبناء الأنفاق التي يمكن من خلالها اختراق خطوط العدو الإسرائيلي.
ويقول الكاتب في الصحيفة: "أثمرت هذه الاستراتيجية مع وسائل أخرى وأدت إلى قتل 63 جنديا إسرائيليا وثلاثة مدنيين منذ بداية الهجوم على غزة في الثامن من تموز/ يوليو، ما يجعل ضيف المطلوب رقم واحد في غزة".
وتضيف الصحيفة أن محللين أمنيين إسرائيليين يرون أن ضيف سيكون عقبة أمام أية مفاوضات لإنهاء النزاع، نظرا لما وصفوه بالخلاف داخل حركة حماس بين الجناح العسكري والسياسي، ويشيرون إلى ما يقولون إنه خروقات في وقف إطلاق النار. فخروقات كهذه تشير للنفوذ الذي يمارسه الجناح العسكري على الحركة أكثر من الجناح السياسي.
ووفقاً للمستشار السابق لشؤون الأمن القومي الجنرال المتقاعد غيورا إيلاند؛ فإن ضيف يعتبر "صانع القرار الأول في حركة حماس ويعارض أي وقف لإطلاق النار ويؤمن أن مواصلة القتال يعد بمثابة إنجاز كبير.
وتطرق الكاتب لمراحل صعود ضيف في صفوف الحركة وتحوله لبطل بالنسبة للفلسطينيين. موضحا أنه ينتمي للجيل الأول والثاني الذي لا يزال على قيد الحياة، ويتمتع باحترام في صفوف الحركة لتحديه إسرائيل.
ويذكر بأن ضيف الذي بدأ حياته ممثلا على المسرح قادر على التخفي وتغيير لونه مثل الحرباء والذوبان بين الناس.
وأشار إلى أنه يُعتقد أنه في بداية الخمسينيات من عمره، والصورة المتوفرة له تعود إلى عقدين من الزمان، ولا يعرف إلا القليل عن عائلته، كما أن الكثيرين يشكّكون في ما إذا كان ضيف هو اسمه الحقيقي أم لا. فيما يقول البعض إن اسمه الحقيقي هو محمد المصري، وإن اسم الضيف لزمه بعد مشاركته في مسرحية عندما كان طالبا في الجامعة.
وبين أن تقارير تتحدث عن إدارة ضيف للعمليات من على مقعده المتحرك بعد إصابته عام 2006، عندما استهدف صاروخ إسرائيلي سيارته، حيث فقد يدا ورجلا.
ونقلاً عن عماد الفالوجي، أحد قادة حماس السابقين، ومن القلائل الذين تعرفوا على ضيف عن قرب، فهو "أي الضيف" "رجل هادئ جدا، ويفضل حياة بعيدة عن الأضواء ويختفي بين الناس"، ويرى الفالوجي أن سر نجاح ضيف في التخفي مرتبط بالدائرة الصغيرة التي يتعامل معها "ولهذا السبب فهو لا يزال على قيد الحياة.
ويذكر الكاتب بأن الحياة السرية التي يقودها ضيف تقف وراء شعبيته بين سكان أهل غزة والفلسطينيين بشكل عام. حيث فضَّله مشاركون في استطلاع نظمه موقع إخباري فلسطيني على خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وعلى زعيم الحركة في غزة إسماعيل هنية.
وأفاد أن شعبية ضيف زادت أثناء الأزمة الحالية، حيث تابع الفلسطينيون خطابه الذي بثته قناة الأقصى التابعة لحماس باهتمام شديد. وأعلن فيه عن استمرار القتال حتى يتم رفع الحصار الاقتصادي عن غزة وفتح المعابر.
وقد علق محلل إسرائيلي في "تايمز أوف إسرائيل" على الخطاب بالقول: "إن خطاب ضيف حفل بالكثير من الآيات القرآنية وبرزت صورته المظللة لإعطاء حس بأنه "قديس حي". وعبّر الخطاب كما يقول عن انتصار للضيف في كفاحه لكي يكون في الموقع الأول داخل الحركة.
وعرض التقرير جانبا من سيرة حياة ضيف الذي ذكر أنه ولد في خانيونس، وانتمى في سن مبكرة لحركة الإخوان المسلمين، ودرس العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة حيث كان ناشطا في الحركة الإسلامية، وخلال دراسته ظهرت مواهبه في مجال التمثيل وأسس مسرح "العائدون".
وخلال التسعينيات من القرن الماضي اعتقلته إسرائيل وأطلقت سراحه بعد ذلك، وقام بعدها مع آخرين بإنشاء كتائب عز الدين القسام.
ولفت إلى أنه بعد اغتيال يحيى عياش "المهندس" عام 1996 في غزة، أخذ الضيف يتصدر العمل داخل الجناح العسكري.. وعين قائدا عاما في عام 2002 بعد اغتيال زعيمه. وبعد توليه المنصب أخذ يعمل على تطوير استراتيجية بعيدة المدى.
واختتم التقرير بأنه شكل لجانا لمتابعة عمليات نقل السلاح من إيران ودول أخرى وأسهم في تطوير قدرات الحركة والتصنيع الحربي في غزة، وشكل قوة عسكرية من المقاتلين الذين تلقوا تدريبا عاليا وأشرف على بناء شبكة من الأنفاق لنقل الحرب إلى عمق الأراضي الإسرائيلية.