قالت صحيفة الغارديان البريطانية في افتتاحيتها الأحد (17|6) إن أوراق التوت التي لم تكن أصلا تستر كثيرا من سوءات الغرب في حرب اليمن، قد سقطت تماما جراء عملية التحالف السعودي الإماراتي في الحديدة، ولم يعد هناك شك في تواطؤ الغرب.
فهذه العملية -التي ستعمق أشد أزمة إنسانية في العالم- تنفذ بأسلحة من صنع بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، وبتدريبات ومشورة عسكرية غربية، إذ يجلس ضباط بريطانيون وأميركيون في غرفة قيادة الغارات الجوية، بل وأوردت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أن هناك قوات خاصة فرنسية على الأرض في اليمن.
وتشير الغارديان إلى أن هذا الدعم العسكري الغربي في الميدان جاء رغم تحذير بريطانيا وفرنسا العلني للسعودية من مغبة شن الهجوم، ورغم رفض الولايات المتحدة طلبا من الإمارات لدعمها في العملية بإزالة الألغام. وتقتبس الصحيفة هنا تعليق مسؤول إماراتي قال إن "امتناع الولايات المتحدة عن تقديم دعم عسكري لا يعني أنها تطالبنا بعدم تنفيذ العملية".
وفضلا عن المعطيات العسكرية، ترى الصحيفة أن عملية الحديدة تجري بغطاء دبلوماسي غربي. فقد عرقلت بريطانيا والولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي محاولة من السويد لاستصدار بيان من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف إطلاق النار، بل إن بريطانيا تأخذ موقفا "سافرا" في تأييد السعودية في هذا الصراع كما يقول وزير التنمية الدولية البريطاني السابق أندرو ميتشل.
وبحسب الصحيفة، تبدو عملية الحديدة محاولة سعودية إماراتية لاستباق طرح خطة سلام من قبل مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث. وتتشاءم الصحيفة بشأن فرص تسوية هذه الأزمة، والمحادثات الجارية لإقناع الحوثيين بتسليم إدارة ميناء الحديدة -الذي تمر عبره 70% من واردات اليمن- إلى الأمم المتحدة.
أما في ما يتعلق بدوافع هذه العملية العسكرية فإن هناك عاملين رئيسيين: أولهما الصراع السعودي الإماراتي مع إيران ومصالح إستراتيجية أخرى، والثاني صورة قادة هذه العملية، وتحديدا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "الحاكم الفعلي للسعودية" بحسب الصحيفة.
ويبدو أن التحالف السعودي الإماراتي قد قدّر أنه ربما يستطيع تغيير الأوضاع على الأرض بعد فترة طويلة من الجمود، ورأى أن الحديدة ستكون انتصارا سهلا نسبيا، بغض النظر عن العواقب التي قد تجرها العملية على المدنيين.
وتشير الغارديان إلى أن الرياض وأبوظبي ربما تتشاركان الموقف نفسه في معاداة طهران، لكن تعقيدات الميدان أظهرت تضاربا في مصالحهما.
وتختم الصحيفة بالقول إن هذه الحرب وما صنعته من معاناة إنسانية واضطرابات في المنطقة تثير الغضب على الغرب وحديثه عن حقوق الإنسان والقانون الدولي. وإن كان أحد في السابق ينكر تواطؤ الغرب في هذه الحرب، فإن أحداث الأيام الأخيرة قد فضحت كل شيء.
ولكن من جهته، اعتبر أنور قرقاش وزير الشؤون الخارجية أن عملية الحديدة تشكل نقطة تحول معتبرا أن تحرير الحديدة سوف يدفع الحوثيين للقبول بالانخراط في مفاوضات سلام، غير أن الحوثيين يصرون على القتال بعد نحو أسبوع من انطلاق العملية العسكرية والتي أفادت الأنباء الميدانية بتعثرها وتباطؤها إثر هجمات مضادة شنها المتمردون فضلا عن قطع الإمداد عن بعض القوات الحكومية المهاجمة.