أحدث الأخبار
  • 01:10 . كيف تحافظ أبوظبي على قربها من الولايات المتحدة بينما تتحاشى مواجهتها؟... المزيد
  • 12:50 . جيش الاحتلال يشن غارات عنيفة وينسف مباني سكنية بأنحاء متفرقة من غزة... المزيد
  • 12:46 . قتلى في تبادل لإطلاق النار على الحدود الأفغانية الباكستانية ليل الجمعة... المزيد
  • 12:40 . بينها الإمارات.. دول عربية وإسلامية ترفض حديث "إسرائيل" بشأن معبر رفح... المزيد
  • 12:20 . نيويورك تايمز: سيطرة الانتقالي على حضرموت تكشف مساعي أبوظبي لبناء هلال بحري على ساحل اليمن... المزيد
  • 11:51 . السعودية تطالب قوات تدعمها أبوظبي بالخروج من حضرموت بعد السيطرة عليها... المزيد
  • 01:26 . "التوطين": أكثر من 12 ألف بلاغ عمالي سري خلال تسعة أشهر... المزيد
  • 08:05 . حلف قبائل حضرموت يحمّل أبوظبي "المسؤولية الكاملة" عن التصعيد واجتياح المحافظة... المزيد
  • 08:05 . بعد مقتل أبو شباب.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال لتسليم أنفسهم... المزيد
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد
  • 06:39 . معركة النفوذ في حضرموت.. سباق محتدم بين أبوظبي والرياض... المزيد

أما ما ينفع الناس.. فيبقى!

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 18-11-2016

أقرأ رسائل انطونيو غرامشي، تلك الرسائل التي كتبها من سجنه وتحت تعذيب سجانيه، وأتساءل كيف يمكن لمن يعيش تلك الظروف أن يكتب كل هذا الفكر وبكل هذا الحنين والعذوبة ؟

انطونيو غرامشي، مفكر إيطالي انتمى للجهة المناهضة للنظام الفاشي الذي حكم إيطاليا ضمن موجة المد الديكتاتوري التي سادت أوروبا في الثلاثينيات، فأمر موسليني بسجنه عشرين عاماً، نُشر مؤخراً الجزء الأول من مذكراته التي كتبها فترة سجنه التي دامت 11 عاماً، وانتهت به إلى مصحة علاج خاصة، مات فيها بسبب نزيف في المخ جراء التعذيب، هذا المفكر الذي لم يعش طويلاً (1891-1937)، ترك للعالم مشروعاً فكرياً كبيراً وضعه في 3000 صفحة دونها بخط يده عرفت بكراسات السجن، تنقلت معه من سجن إلى سجن.

كراسات غرامشي إلى أمه وأصدقائه وأسرته، بقيت شاهدة على عصر لا يمكن محوها، لقد قاوم السجن بذكرياته وبذاكرته وحدها، ما ذكرني بكاتب الأوروغواي الشهير أدواردو غاليانو الذي كتب «الحكواتية يبحثون في الآثار عن الذاكرة المفقودة، عن الحب والألم، وهي آثار لا ترى، لكنها لا تمحى».

إن العالم بحاجة ماسة لمفكرين يضيئون له الطريق نحو القيم الإنسانية الراسخة، لقد انتقد غرامشي الهيمنة الرأسمالية كما هاجم ستالين، لكن رسائله إلى أمه وأسرته تذكرنا بكل المستنيرين الذين يرون الخطر فينبهون له قبل غيرهم، أولئك الذين يطلقون صرخة زرقاء اليمامة.

لم يتوافر لغرامشي في زنزانته أي نوع من الرفاهية والراحة والوثائق ليكتب مشروعاً فكرياً موثقاً متماسكاً كما يجب، ومع ذلك فقد اعتمد على ذاكرته وحدها، في ترميم أفكاره، وظل يكتب بلا توقف فأنجز ثلاثة آلاف صفحة بخط يده، تناول فيها موضوع الإصلاح ودور المثقفين وأفكار ميكيافيللي والأدب والمجتمع، كما تحدث عن عصر النهضة ودانتي والمجتمع المدني، كان يكتب ليقاوم الموت، وكان يكتب ليتواصل مع أمه وأصدقائه ليشعر بأنهم معه دائماً، وكان يكتب لأنه يؤمن بأن هذه هي وظيفته كمثقف في الحياة: التنوير.

في تاريخنا الإسلامي عانى الإمام ابن حنبل محنة السجن ومن سجنه كتب أيضاً. وكان يقول أتاح لي السجن أن أكتب ما لم أكتبه خارجه، هؤلاء الذين يحولون المحن إلى فرص عظيمة، مصرين على القيام بما يتوجب عليهم.

تعيش الأمة العربية اليوم محنة وجود كبرى وتحتاج إلى كل المستنيرين وأصحاب الهمم لأن يروجوا ويدعوا لعقيدة التسامح، فبالتسامح فقط يمكننا عبور هذا النفق المظلم، وبالبصيرة فقط يمكننا استدراك حجم الخطر المتربص بنا.