بعد نحو أسبوعين من استقبال ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد أعضاء المجلس الوطني وحديث وسائل الإعلام المحلية الرسمية عن خارطة طريق وضعها ولي عهد أبوظبي للمجلس، يعود الحديث مجددا عن خارطة طريق أخرى وضعها رئيس الحكومة الشيخ محمد بن راشد للمجلس أيضا لدى استقباله أعضاء المجلس، الذين جاؤوا "للاستئناس بتوجيهات سموه التي ترسم لهم خارطة طريق لتمكين المجلس الوطني الاتحادي من أداء رسالته الوطنية النبيلة على أكمل وجه خدمة للوطن والمواطن" على حد تعبير الإعلام الرسمي.
خارطة الحكومة للبرلمان
وقد رحب الشيخ محمد بن راشد بأعضاء المجلس وهنأهم على فوزهم بعضوية المجلس الوطني الاتحادي الذي وصفه "بالمؤسسة الوطنية الممثلة للشعب وتحظى بدعم القيادة الرشيدة من أجل تفعيل دور المجلس في ترسيخ مفهوم العمل الوطني المخلص الذي يصب في خدمة الناس والمجتمع والبحث عن القضايا الوطنية التي تهم المواطنين وتلامس حياتهم الاجتماعية والتعليمية والصحية والإنسانية وكل أمورهم ذات الصلة بتوفير العيش الكريم وإسعاد كل مواطن ومواطنة على مساحة أرض دولتنا العزيزة".
وأكد محمد بن راشد على أن "حكومته والمجلس يجب أن يعملا كفريق واحد كي تسير القافلة إلى مبتغاها دون عثرات أو ثغرات قد تعطل أو تعيق مسيرة التنمية المستدامة".
وقال " لهذا أطلب منكم إخواني وأخواتي أن تتعاونوا مع الحكومة وتتلمسوا احتياجات المواطنين وتنقلوها إلى القيادة والحكومة.. ونحن على استعداد تام لسماع وجهات نظركم وأخذ آرائكم وأفكاركم بعين الرضا والاعتبار ما دامت تهدف إلى خدمة وطننا.. فأنتم همزة الوصل بين الحكومة والشعب وعليكم أن تتعلموا من تجارب الآخرين ممن سبقوكم في ميادين العمل الوطني الميداني..".
العلاقة مشوشة بين الحكومة والمجلس
في كل ديمقراطيات العالم لا يوجد علاقة توجيهية أو علاقة تحدد فيها سلطة لسلطة أخرى ماذا تفعل وكيف تفعل. فالسلطة التنفيذية لها واجباتها وصلاحياتها وكذلك السلطة التشريعية لها اختصاصاتها وصلاحيتها التي يملك أحد أن يوجهها أو يؤطرها.
فالعلاقة الطبيعية والتعاونية بين الحكومات والبرلمانات هي علاقة رقابة ومساءلة تخضع لها الحكومات والوزراء إلى جانب التشريع دون تعسف من البرلمان أو استغلال صلاحياته كما هو يجب أن تلتزم السلطة التنفيذية أدوارها.
ولكن العلاقة بين السلطة التنفيذية والمجلس الوطني في الإمارات غير قائمة على وجود سلطة تشريعية ورقابية كما تقتضي أصول الديمقراطيات والنظم السياسية الحديثة.
كما يظهر من تكثيف اللقاءات بين السلطات في الدولة خارج المقرات الرسمية لهذه السلطات أن هناك جهودا لاحتواء المجلس الوطني وتوجيهه نحو قضايا محددة.
ومن جانب آخر، فإن المجلس الوطني لا يقوم بهمزة الوصل بين الشعب والحكومة، وذلك بضغوط من جهاز الأمن كما يتهم ناشطون.
وقد سبق أن أكد ناشطون إماراتيون أن هذا المجلس لم يتبن أي قضية شعبية معتبرة لعدة أسباب، منها أن القضايا الشعبية التي ينبغي للمجلس الاهتمام بها قد حرمته الحكومة من ذلك عندما فرضت وزارة شؤون المجلس الوطني والتي يعتبر وجودها بحد ذاته عوارا دستوريا وقانونيا وديمقراطيا أنه لا يجوز للمجلس أن ينظر أي مسألة على جدول أعماله إلا من خلال جدول الأعمال الذي تقدمه الوزراة، أي أن المجلس لا يمتلك سلطة تحديد جدول أعماله. كما أن المجلس ذاتيا وتلقائيا لا يتبنى قضايا المواطنين وخاصة في مجال الحقوق والحريات، فهو يعكس دائما وجهة نظر السلطة التنفيذية ومصالحها وليس مصلحة الإماراتيين.