لدولة الإمارات، وتحديدا إمارة أبوظبي ودبي مخصصات مفتوحة من الإنفاق خارج إطار ميزانية الدولة في مجالات شتى. ومن بين أبواب الإنفاق هذه والتي تتسع بصورة كبيرة وبدون مبررات هي جوائز الدولة المختلفة ليس للإماراتيين أو المقيمين فحسب، وليس في مجال او اثنين وإنما هي سلة واسعة جدا من هذه الجوائز تستهدف مختلف المجالات وتتعدد أحيانا الجائزة في المجال الواحد.
وقد باتت هذه الجوائز إحدى أدوات "الضغط" على الأقل، إيجابا أو سلبا، كما يتهم ناشطون على المثقفين والإعلاميين والإداريين والتربويين و"العلماء والفقهاء"، والمؤلفين والباحثين والمدونين والشعراء والمغنون والممثلون والفنيين والرسامين والسينمائيين والمصورين والمترجمين والبرلمانيين وحتى الوزراء بموجب الإعلان مؤخرا عن جائزة أفضل وزير في العالم تقدمها دبي لهذه الفئة.
وفي الوقت الذي تزداد فيه هذه الجوائز عددا وقيمة بمخصصاتها تتناقص فيه رفاهية الإماراتيين وترتفع أسعار المعيشة والسلع الأساسية في الدولة إلى جانب ارتفاع أسعار الوقود، وتجري حاليا عملية مراجعة واسعة النطاق لرواتب ومعاشات الإماراتيين في أبوظبي تحديدا، مع وضع سقف أعلى لموظفي الفئة الخاصة في دبي، فضلا عن ضعف رواتب مواطني الإمارات الشمالية من الأساس.
فجميع الفئات السابقة هي على سبيل المثال، وليس حصرا، وهي المقصودة جميعها من هذا التقرير وليس جائزة محددة أو معينة، وهو وضع يؤكد تزاحم الجوائز وأنها بحاجة إلى تنظيم وسياسة معينة تخدم الهدف من مبدأ الجوائز التي يجب أن تنحصر في مجال تشجيع مجال ما، وليس أن تستهدف التأثير على قطاعات الأمة المختلفة والسعي لاستقطابها بجوائز مجزية. حتى وصل الحال من كثرة ووفرة الجوائز تكريم مسؤولين كبار في الدولة بعضهم البعض بهذه الجوائز.
وكمثال على سياسة الجوائز في الدولة، فقد شهدت جائزة سباق الخيول للقدرة بدبي هذا العام زيادة كبيرة جدا عن الماضي. فقد بلغت جوائز هذه المسابقة لهذا العام 15 مليون درهم، بعد أن وصلت العام الماضي 9.5 مليون درهم، علما أن المبلغين ضخمين جدا.
وفي تفصيل جوائز مسابقة الخيول هذه للعام الماضي، فقد حصل الفائزون العشر الأوائل على سيارات متعددة الماركات، إذ نال صاحب اللقب على سيارة رانج روفر، فيما حصل وصيفه على سيارة لكزس دفع رباعي ، فيما نال أصحاب المراكز من الثالث إلى العاشر على سيارات نيسان باترول.
وهي نفس ماركة السيارة التي حصل عليها الفرسان السبع الاوائل من الضيوف الذين انهوا السباق بنجاح، بالإضافة إلى مبلغ مالي قدره 100 الف درهم لكل منهم.
كما تتضمنت الجوائز حصول كل فارس أكمل السباق حتى خط نهايته على 60 ألف درهم.
ونظرا لذلك، ومع تعطل مشاريع وزارة الصحة والتربية والتعليم في ميزانية 2016 بسبب العجز عن الوفاء بالالتزامات والاحتياجات فإن إماراتيين يتساءلون عن الحكمة والجدوى من استمرار هذه الجوائز وبهذه الطريقة وحتى لو لم تكن تتضمن أي أهداف سياسية أو جانبية. مطالبين بأن يكون حل عجز المشاريع بمراجعة هذه الجوائز وليس بمراجعة معاشاتهم ولا بتغيير قانون المعاشات والتأمينات الخاضع للتعديل بصورة تثير خوف الإماراتيين على أمنهم الاقتصادي والاجتماعي.