أعلنت القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا رسمياً، تدخلها العسكري في ليبيا وفق خطة عمل مدتها 5 سنوات، ترمي إلى تشديد الخناق على "الجماعات الإرهابية في إفريقيا، وتحديداً في ليبيا"، وفق ما نقلته صحيفة "الاتحاد" المحلية الصادرة في أبوظبي. فلماذا هذا التطور، وأين اتفاق الصخيرات ومن هي الأطراف المستفيدة من هذا التدخل، وما دور أبوظبي فيه؟
اتفاق الصخيرات وتفجر العنف
ما إن تم الإعلان عن توقيع أطراف الصراع في ليبيا على اتفاق الصخيرات حتى بدأت موجة كبيرة من العنف بادر إليها تنظيم داعش مستهدفا شرق ليبيا وغربها على حد سواء. ففي الشرق استهدف موانئ وحقول النفط وأحرق خزانات البترول. وفي الغرب شن التنظيم هجوما انتحاريا داميا ذهب ضحيته عشرات الضحايا والجرحى.
وكان يقضي اتفاق الصخيرات الذي حذر وزير خارجية واشنطن من مغبة إفشاله بتشكيل حكومة وحدة وطنية تعيد الوحدة الوطنية والجغرافية لهذا البلد.
وفور الإعلان عنه، وحتى قبله بكثير كانت قد أكدت وثائق رسمية مسربة أن أبوظبي لعبت دورا سلبيا في الحوار بين الأطراف الليبية من خلال توجيه المبعوث الأممي السابق ليون، أو من خلال وثائق أكدت تزويد أبوظبي مليشيا حفتر بالسلاح.
وتتمثل مصلحة أبوظبي في ليبيا، بمنع وصول قوى الثورة عامة والإسلامية خاصة إلى أي منصة حكم عن طريق الانتخاب سعيا لضرب الإسلام الوسطي ومناصرة لنظام السيسي الذي يستهدف السيطرة على مقدرات ليبيا النفطية إلى جانب ذلك الهدف السياسي بمحاربة الإسلام المعتدل.
وقد لاحظ المتابعون للشأن الليبي أن نشاطا عسكريا ملحوظا قام به تنظيم داعش في ليبيا بعد هذا الاتفاق في "تقاطع" مصالح مع الدول التي لا ترغب بوضع حد للحرب الاهلية في ليبيا.
دور القاهرة و أبوظبي المحتمل
العمليات الإرهابية الأخيرة للتنظيم خلقت فرصة كبيرة للقاهرة وأبوظبي لإعادة مواقفهم من العملية السياسية في ليبيا كونهما يصران على أن المشكلة في ليبيا هي مشكلة إرهابية وأن العالم مطالب بمحاربة الإرهاب، وكونهما من الدول التي تقدم نفسها على أنها تحارب الإرهاب فقد برز لها دور دبلوماسي حتى الآن، وعسكري من خلال التدخل الأمريكي الجديد.
فبعد استقبال السيسي لمسؤولين من حكومة طبرق التي تدعمها مليشيا حفتر ومطالبته بتسليح هذه المليشيا لمواجهة الإرهاب، اجتمع رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان (إماراتي) مع وفد مماثل في تونس مكررا أيضا مطالب السيسي ومطالبا المجتمع الدولي التنسيق مع حكومة طبرق فقط لمكافحة الإرهاب وتجاوز حكومة طرابلس المدعومة من الثوار.
وكانت مصادر جزائرية كشفت الشهر الماضي عن مصادر رسمية تونسية تخوفها من أن الأحداث الإرهابية الأخيرة التي ضربت تونس وخاصة حافلة الحرس الرئاسي قد يكون وراءها أبوظبي لأن الرئيس التونسي قاد السبسي رفض تكرار سيناريو السيسي في تونس، وفق ما نقله موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في ديسمبر الماضي.
دور اللحظة الراهنة
اللحظة السياسية الراهنة بعد النشاط الإرهابي المفاجئ لداعش، فقد أدانت الأسرة الدولية هذه الهجمات. وكان من بين عناوين هذه الإدانات الرسمية إدانة نبيل العربي أمين الجامعة العربية الذي لا يتكلم عن حصار مضايا ولا عن المجازر اليومية التي تضرب الشعب السوري.
كما أدان أحمد الجروان رئيس البرلمان العربي هذه العمليات الإرهابية، والأزهر أدانها كذلك. ويلاحظ المتابعون أن هذه الإدانات إنما هي محطات في عملية دبلوماسية وسياسية منظمة ومنسقة تسهدف توجيه الأنظار وحصرها في التعامل مع أزمة ليبيا على أنها مشكلة إرهاب فقط بحلول أمنية وعسكرية وتشكيل "ملف" ليبيا أمام العالم لتحقيق أهداف نظام السيسي تحديدا.
وكان الإعلامي المقرب من السيسي توفيق عكاشة قد زعم قبل بضعة شهور أن مصر ودول أخرى سوف تشن عملية عسكرية في ليبيا في (7|1) الجاري وهو ما يتزامن مع تفجر العنف لتبرير مثل هذا التدخل.