يحتفل الإماراتيون في الثاني من ديسمبر من كل عام بالعيد الوطني للاتحاد، والعيد القادم سيكون المحطة (44) من عمر الاتحاد الزاهر وعمر الشعب الإماراتي العريق تاريخيا المعاصر سياسيا. وطوال العقود الماضية ظل الإماراتيون يحتلفون بالعيد الوطني ويشاركهم بذلك ملايين آخريين من المقيمين.
فطوال الاحتفالات السابقة كان يبدع الإماراتيون كل أنواع وأشكال وفنون التزيين، تزيين سياراتهم ومنازلهم وشوارعهم ومؤسساتهم للتعبير عن السعادة بهذا اليوم الوطني الخالد. وطوال السنوات السابقة لم يكن هناك أية قيود أو محاذير على طرق الاحتفال وأشكالها وأوقاتها وكيفيتها، وحتى التجمعات البشرية أو مسيرات السيارات كانت تتصرف بكل حرية وتلقائية.
ولكن سيكتب التاريخ أن الشعب الإماراتي واجه سيلا من القيود على حريته تحت مسمى "ضوابط" وأن الإماراتيين لم يعودوا أحرارا بالحركة والتنقل والاحتفال كما السنوات 43 السابقة.
فقد أعلنت وزارة الداخلية وبعض قيادات الشرطة المحلية "ضوابط تزيين المركبات"، خلال الاحتفالات باليوم الوطني الـ44 لدولة الإمارات العربية المتحدة، بما يعزز من عمق معاني هذه المناسبة الوطنية للاحتفال بروح إيجابية، من خلال الالتزام بقانون السير والمرور وضوابط التزيين.
"الضوابط" تتمثل في عدم تغيير لون المركبة، وعدم تعتيم أو تلوين الزجاج الأمامي، وعدم تثبيت سارية خلفية للعلم، وتجنب استخدام أنواع الرش (اسبريه)، والنزول من المركبات على الطرق العامة.
وتشمل الضوابط أيضاً عدم عرقلة حركة السير، أوالوقوف على الطرق الفرعية والرئيسة، ومواقف الحافلات وسيارات الأجرة، وعدم تزويد المركبات بمواد الضجيج .
مظاهر الزينة هذه يستخدمها الإماراتيون في كل عام ويخرجون بمسيرات في جميع أرجاء الدولة والتي تتكون من مئات السيارات في كل مسيرة. فلماذا يمنع الإماراتيون هذا العام، ولماذا تسلب حريتهم؟
الإجابة بكل بساطة، هو التدابير الأمنية التي تفرضها سياسة الدولة الخارجية في علاقاتها مع الدول العربية والغربية عموما.
فليس خافيا أن الدولة تخوض عدة حروب ضد جماعات "إرهابية" وبعضها إرهابي بالفعل، ولكن لا يشكل تهديدا على الإمارات من جهة، كما أن مشاركة الدولة فيما يسمى بالحرب على الإرهاب وفق تأكيدات صحيفة الغارديان مؤخرا ليس كونها ضد "داعش" وإنما لتكون محاربة داعش غطاء لمحاربة الإسلام الوسطي والثورات العربية.
فما تفعله الدولة في ليبيا كما كشفت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا من إرسال سلاح للواء المنشق خليفة حفتر لرفض السلام في هذا البلد، ثم القبض على "جاسوسيين إماراتيين" في طرابلس، ودعم الدولة لنظام الانقلاب في مصر، وتصدر أبوظبي لأي حرب في المنطقة والعالم ما دام الإسلام السني طرفا فيها على حد تساؤل النائب الكويتي مبارك الدويلة، بدءا من مساندة فرنسا في حربها على مالي إلى الحملة ضد داعش في العراق ودعم العدوان الروسي على سوريا وإن لم يكن ذلك معلنا.
الدولة تبرر اندفاعها وحماسها في الحرب على الإرهاب لحماية الامن الوطني والقومي لدولة الإمارات، فإذا تدخلها ينعكس بضعف الأمن الشخصي والجماعي في الإمارات وفق ما بات يؤكده قطاع واسع من الإماراتيين وكما تؤكده "الضوابط" الجديدة التي تحرم الإماراتيين ثلاثية الحرية والأمن والسعادة بأعظم مناسبة وطنية. فما الذي حققته الدولة بدخولها حروبا ليست حربنا وليس لنا فيها ناقة ولا جمل؟ يتساءل الإماراتيون الذين باتوا يشعرون أكثر من أي وقت مضى بمعنى الحرية والأمن.