راهن كثير من السياسيين والمحللين على قدرة مستويات في القيادة السياسية بالدولة على ضمان "تفكير محدود" للمواطنين، وذلك عبر توفير مستلزماتهم الحياتية "وزيادة"، وصناعة أجواء من الرفاهية، التي تبين لاحقاً أن ثمنها "الصمت" عن الحقوق، في الكثير من الحالات.
إلا أن رفع أثمان الوقود في الدولة، عبر وقف الدعم لمادة البترول التي تعد شريان الحياة، مثل نوعاً من الصدمة للمواطن "المرفه"، وأثار في عقله العديد من التساؤلات التي كانت غائبة عنه، أهمها عن سبب رفع الدعم عن البترول في ظل الوضع الاقتصادي المزدهر للدولة.
العديد من التحليلات بدأت تتصدر المجالس في الدولة، حيث أدى القرار الأخير بحالة صدمة لدى المواطنين – ليس بسبب زيادة الأعباء المادية عليهم فقط – وإنما كونها تهز من صورة الدولة القوية اقتصادياً والقادرة على ترفيه مواطنيها، الأمر الذي جعلهم يبحثون عن الأسباب المتوقعة لمثل هذا القرار.
يناقش البعض في المجالس إن كان المواطن سيدفع الثمن من قوته وقوت عياله من أجل دعم سياسة الدولة في دعم الانقلاب في مصر بزعامة عبد الفتاح السيسي، والذي لم تظهر آثار الأموال الضخمة التي أرسلت له على مدى العامين الماضيين على حال المواطن المصري البسيط، لا سيما في ظل حديث صحف غربية عن تحويل مبالغ مالية ضخمة إلى أحد المصارف السويسرية من مصر.
يتحدث آخرون إن كان هذا القرار، الذي تزامن مع قانون جديد من شأنه الحد من الحريات العامة في الدولة عبر استخدام مسميات فضفاضة، يهدف إلى إشغال الناس بأمورهم الحياتية بعد أن بدأت التحركات الإصلاحية تنادي بإصلاحات اجتماعية وسياسية، والتي عولجت من قبل الدولة باعتقال العشرات من معتقلي الرأي.
إلا أن الأكيد، بحسب وجهة نظر المراقبين، أن مثل هذا القرار المتعلق برفع الدعم عن البترول، رفع مستوى التفكير لدى المواطن، ووجه لبحث ومناقشة مواضيع كانت هناك جهود حثيثة لطمسها وإخفائها بطريقة أو بأخرى، بل إن القرار قد يكون شكل ضربة قاسمة لمعادلة "المال مقابل الحرية"، لا سيما وأن المال أصبح محط أنظار المواطن الذي سيلمس بصورة مباشرة آثار القرار السلبية، في حين سيجد في النهاية أن الحرية أيضاً تم المس بها منذ زمن.