أحدث الأخبار
  • 01:26 . "التوطين": أكثر من 12 ألف بلاغ عمالي سري خلال تسعة أشهر... المزيد
  • 08:05 . حلف قبائل حضرموت يحمّل أبوظبي "المسؤولية الكاملة" عن التصعيد واجتياح المحافظة... المزيد
  • 08:05 . بعد مقتل أبو شباب.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال لتسليم أنفسهم... المزيد
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد
  • 06:39 . معركة النفوذ في حضرموت.. سباق محتدم بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:22 . روائية أمريكية بارزة تقاطع "مهرجان طيران الإمارات للآداب" بسبب الحرب في السودان... المزيد
  • 05:07 . جيش الاحتلال يعلن مقتل زعيم المليشيات في غزة "ياسر أبو شباب" على يد مجهولين... المزيد
  • 11:35 . "المعاشات" تصفّر 8 خدمات رئيسية ضمن مبادرة تقليل البيروقراطية الحكومية... المزيد
  • 11:31 . "الأبيض" يخسر أمام الأردن 1–2 في افتتاح مشواره بكأس العرب... المزيد
  • 11:30 . سلطنة عُمان تنجح في إعادة طاقم سفينة "إتيرنيتي سي" من اليمن... المزيد
  • 10:12 . الإمارات تعلن تخصيص 15 مليون دولار للاستجابة للأزمة في السودان... المزيد

دولة البغدادي أعظم من دولة بن لادن!

الكـاتب : عبد الرحمن الراشد
تاريخ الخبر: 22-06-2015

الصورة الذهنية السابقة عن الجماعات الإرهابية أنها مجاميع من الشباب المتطرفين، من طويلي الشعر واللحى الكثة، ينفذون عمليات انتحارية وتفجيرات واغتيالات، بهدف التخريب وإسقاط الأنظمة.. المظاهر والأفعال نفسها التي نراها اليوم، لكن، ومع هذا، «داعش» ليس «القاعدة».. تنظيم فوضوي بأسلحة وأشرطة تلفزيونية.
«داعش» يملك مقومات الدولة؛ الثروة، والقوة، والسكان، والأرض.. عنده آبار بترول، ومصافٍ، وشاحنات نقل لتهريبه، وشبكة من السماسرة يقومون له بترتيب البيع والمقايضة. عنده هامش للمناورة.. يتعاطى مع أعدائه فيبيع الغاز والنفط لبعض المراكز الحكومية في سوريا لتشغيل محطات الكهرباء. ولديه من هو مكلف بجباية الأموال من قطع الطرق، وتحصيل رسوم على الشاحنات العابرة، وفرض الضرائب والمكوس على الأهالي. وقامت «دولة داعش» باعتماد مجالس بلدية في المدن والبلدات التي احتلتها، تقوم بإدارة شؤون مناطقها، ولها محاكمها، وشرطتها.. وتحاول السيطرة على الاتصالات الهاتفية المحلية، والتحكم في توزيع الإنترنت. وفي مناطقها؛ الشوارع مضاءة، والماء يجري يوميا في البيوت.. الحياة كأنها عادية، وبالطبع لهذه الدولة الإرهابية، قيادتها وعلمها، وأجهزة دعايتها.
تذبح بوحشية لإخضاع السكان، وزرع الخوف. وفي بعض المناحي التي تهمها، مثل جمع الأموال، تبدو برغماتية. وقد سألت أحد المسؤولين المصرفيين العرب عندما التقينا في المنتدى الاقتصادي الأخير في البحر الميت، عن فرع بنكهم في مدينة الموصل العراقية التي يحتلها «داعش».. روى كيف أن البنك يفتح أبوابه كل يوم في أوقاته المعتادة تقريبا، التنظيم لم يغلقه بخلاف المتوقع. ومع أن نشاطات البنك انخفضت كثيرا، إلا أن الموظفين يذهبون إلى هناك كل صباح! أي إن «داعش» لم يغلق المصارف رغم أنه يعدها ربوية محرمة. وتحت حكم «دولة داعش العراقية» أكثر من أربعين مدينة وبلدة، أكبرها الموصل، ثاني مدن العراق، والرمادي عاصمة محافظة الأنبار. ولا تبعد ميليشياتهم عن العاصمة العراقية بأكثر من ثمانين كيلومترا فقط. ولها حدود تحاذي السعودية والأردن، وتمتد سلطتها إلى شرق وشمال ووسط سوريا. وتحت سيطرة «داعش» ثلاثة سدود مائية، وقد قام بحرف مياه النهر لحرمان خصومه منها.
ولو أن «داعش» قرر أن يبقي مكانه ولا يتمدد، ولا يخسر معاركه الدفاعية المقبلة، فقد يستطيع خلال عامين، أو أكثر قليلاً، أن يكوّن علاقات مع بعض دول العالم، لأنه سيصبح أمرًا واقعًا!
هذا التطور في تفكير الجماعات الإرهابية يجعلها أخطر مما ألفناه في التنظيم الأب؛ «القاعدة». هذاك كان مشروعه إشاعة التطرّف الديني، ومحاولة إسقاط الأنظمة الأعداء له، بزعامة الراحل أسامة بن لادن، لكنه كان بلا خطة لليوم التالي. أما «داعش» فهو نموذج متقدم وأكثر خطورة.. تتضح مع الوقت معالم مشروع دولة حقيقية، فهو عن تخطيط يستهدف المناطق المضطربة.. يستولي على الأرض، ويؤسس وجوده عليها، ثم يتمدد، كما يعلم شعار دولته اليوم: «باقية وتتمدد».
ويبدو أنه يقرأ فكر خصومه جيدًا؛ في سوريا والعراق والغرب، ويفهمهم أفضل مما هم يفهمونه؛ فهو يستفيد من التحريض الطائفي الذي تمارسه القوى السياسية الشيعية العراقية والإيرانية، ويستغله لتجنيد أبناء السنة في المناطق التي يحتلها. ممارسات الحشد الشعبي الطائفية تمنح «داعش» حاجاته.. يقدم نفسه دولةَ من يشعرون بأنهم بلا دولة، وسيدافعون عنها بقناعة واستبسال. ويبدو أن التنظيم يفكر بعقله أكثر من سلاحه؛ يرصد ما يصدر عن الحكومات التي تعاديه، وخصوصا الولايات المتحدة. حتى الآن لم يستفزها بأعمال عدائية خارجية كبيرة تضطر الحكومة الأميركية إلى تكرار ما فعلته بأفغانستان ردًا على هجمات «القاعدة» على مدينتي نيويورك وواشنطن عام 2001. استراتيجية «حكومة» أبو بكر البغدادي تبدو أكثر تركيزًا من قيادة بن لادن حينذاك، فالبغدادي يستهدف الدول الساقطة، أو التي تعاني من فراغ سياسي، مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، والسيطرة فقط على المناطق الملائمة له طائفيا.. يخضع سكانها بالقوة، ويستولي على مواردها المالية، ويكلف بعض أهلها بإدارة شؤونها المحلية، وبعد أن يستولي على أسلحتها وأراضيها، ينتقل إلى ما وراءها، في عمليات عسكرية مدروسة.
و«داعش»، دولة غنية. مؤسسة «راند» تقدر أن مداخيل التنظيم العام الماضي من البترول العراقي بلغت مائة مليون دولار، ومداخيله من الابتزاز والرسوم ستمائة مليون دولار، والأموال التي نهبها من البنوك بلغت ستمائة مليون دولار. ولو افترضنا أن فيها مبالغة، فمن المؤكد أن «دولة البغدادي» أغنى وأخطر بكثير من «دولة بن لادن».. لديها نفط، وبنوك، ومخازن أسلحة هائلة، وفي صفوفها يقاتل شباب محلي غاضب، مع شباب جاء من وراء الحدود يريد الذهاب إلى الجنة الموعودة. سيكون من الصعب تحدي «داعش» دون مشاركة كل دول المنطقة، بما فيها الحكومات الأعداء، مع التحالف الدولي القائم حاليا. وهذه مهمة صعبة جدًا ما دامت الإدارة الأميركية عاجزة عن إدارة توجهات بغداد، ولجم إيران. ودون تجريم للجرائم الطائفية على الجانبين، فلن يقوم تحالف. ويزيده تعقيدًا الاشتباك الخليجي - الإيراني، في سوريا واليمن. مع الخلافات الإقليمية والعجز الأميركي، ستزدهر «دولة داعش»، ولن يكون سهلاً دحرها لاحقا.