أكبر خطر يهدد العرب سُنة وشيعة عدم انتباههم للتوغل الإيراني، وسعي نظامها الدائم لإثارة القلاقل فيما بينهم. والكشف عن المؤتمرين بأمرهم وتعريف المجتمعات العربية بأهدافهم الاستراتيجية في السيطرة على البلاد لصالح دولة الملالي في طهران.
الحوثيون في اليمن اختاروا طريقهم منذ عقود، وتحدوا الشعب والدولة اليمنية، ونسجوا خيوط الولاء لطهران وقبلوا شروطه السرية التي فضحتها ممارسات الحوثيين أنفسهم، لكنهم ما زالوا يظنون أن حديثهم باسم الثورة والشعب الذي يعرضونه لأقسى ألوان التعذيب انتقاما منهم لرفضهم الانقلاب الذي قاموا به في العاشر من الشهر الجاري، سيغير من رؤية الناس لهم.
فأتباع الحوثي يسيرون بخطى ثابتة لا تتوقف ولا تتأخر نحو الاستيلاء على مقدرات الدولة اليمنية، مستخدمين السلاح حلا لكل من يتظاهر ضدهم، أو يعذبونه إذا ما تم اعتقاله.
وكما قالت منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر في مارس الماضي حول إيران، فإن 778 شخصا أعدموا خلال العام الماضي بزيادة نسبتها 15% عن العام السابق له. وأعدم 369 شخصا -على الأقل - من هؤلاء بإيران.
وعلى طريق النظام الإيراني يسير الموالون الحوثيون في القتل والتعذيب، فذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير لها نشرته، الإثنين الماضي، أن خبراء لها موجودون في اليمن جمعوا شهادات مروعة عما تقوم به جماعة الحوثي من تعذيب للمتظاهرين في محاولة لثنيهم عن المعارضة.
وقالت المنظمة: إن "من بين الذين تحدثوا علي طاهر الفقيه (34 عاماً) و عبدالجليل الصباري (40 عاماً)، واعتقلوا خلال مظاهرة سلمية في صنعاء يوم 11 فبراير (في الاحتفال بذكرى انتفاضة 11 فبراير 2011)، واعتقل إلى الرجلان إلى جانب صالح البشري وهو أب لسبعة أطفال يبلغ من العمر 35 عاماً، والذي توفي في وقت لاحق من إصابات لحقت به بعد ساعات من التعذيب".
وأفادت المنظمة أن الثلاثة تم نقلهم إلى مكان مجهول، حيث احتجزوا في الطابق السفلي حتى مساء يوم 13 فبراير.
وعندما التقت منظمة العفو الدولية الرجال في 15 فبراير كانت علامات وآثار التعذيب ما تزال واضحة جدا مع كدمات عميقة وفي حالة عبد الجليل الصباري ما تزال الجروح المفتوحة على أردافه.
وقال علي طاهر الفقيه لمنظمة العفو الدولية: "منذ اختطاف صالح البشري لم أره مرة أخرى حتى أطلق سراحنا في حوالي 2 صباحاً، واليوم صلاح لايمكنه التحرك أو الوقوف، ولا حتى عندما حاولوا مساعدته، عندما وصلوا إلى مقر المنظمة، وكان يهمس (أنا عطشان) (أنا عطشان)".
وأضاف الفقيه للمنظمة: "ذهبنا إلى المستشفى، حيث أعطي صالح بعض الرعاية الأساسية. كان هناك حوثيون يملؤون المستشفى، وبعضهم بملابس عسكرية، وكنا خائفين أن يتم اختطافنا مرة أخرى حتى غادرنا المستشفى وتم أخذنا إلى المنزل بعد ساعتين، لكن ظروف صالح تدهورت وتوفي في الطريق".
ويروي علي طاهر الفقيه عن تفاصيل استجوابه قائلا: "أجلسوني أول ما وصلت وسألني عن عملي، المظاهرات التي شاركت فيها، قادة الاحتجاجات، علاقاتي مع السفارة الأمريكية ومع المنظمات المعارضة لأنصار الله (الجناح السياسي الحوثي). كنت معصوب العينيين ويدي مقيدة لخلف ظهري، وأرجلي مقيدة، جعلني أنبطح في ممر ضيق وبدأوا بضربي بالعصي على الأرداف، استمر الضرب لفترة طويلة، ربما لبضع ساعات، كان الألم مبرح، واستمروا يقولوا أن عليّ الاعتراف، عندما توقفوا كنت شبه فاقد للوعي، وكان عليهم مساعدتي".
كما تحدثت منظمة العفو الدولية أيضا إلى فؤاد أحمد جابر الهمداني، وهو ناشط معروف يبلغ من العمر 34 عاما، الذي اختطف من مظاهرة صغيرة جدا في صباح يوم 31 يناير. واحتجز لمدة 13 يوما في أربع مواقع مختلفة وتعرض للتعذيب أيضا. ولا يزال لديه كدمات عميقة في أسفل ظهره.
وقال الهمداني: "عصبوا عينيي، وقيدوا يدي وقدمي، وجعلوا وجهي للأسفل على مقعد ضيق، وضربوني على الأرداف وأسفل الظهر بالعصا أو الحديد حتى أغمي علي. قالوا ‘سوف تتحدث أو أن نجعلك تتحدث؟ “اتهموني بالحصول على المال من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والروابط مع الإرهابيين الإخوان مسلمين وبعض الشخصيات المرتبطة بالنظام السابق. بعد أربع ساعات من الضرب المستمر، حيث أغمي علي عدة مرات، وافقت على كتابة اعتراف. وحذرت من عدم تنظيم مظاهرات أو الاتصال بالمعارضين للحوثيين، ودفعوني إلى شارع الزبيري، وبقيت ملقاً على الرصيف لا أستطيع التحرك حتى أنقذني أحد المارة".
وقالت "روفيرا" كبيرة مستشاري شؤون الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية: "يجب على الحوثيين الوقف الفوري لأساليب غير قانونية من الاعتقالات التعسفية والتعذيب وغيره من أشكال إساءة المعاملة"، مضيفة: إنه "يجب على المدعي العام اليمني التحقيق فورا في هذه وغيرها من الحالات المشابهة وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة".