بعد ساعات قليلة من اعتلاء الملك سلمان سدة الحكم في السعودية، بدأ جدلا سعوديا وخليجيا وعربيا، بل ودوليا أيضا حول طبيعة العلاقة بينه وبين " الإخوان" في الخليج والعالم العربي عموما. وتسارعت الأنباء التي توحي بالتغيير، وواجها سيل من التحليلات تنفي إمكانية حدوث هذا التغيير. فما هو مستقبل إخوان الخليج في عهد الملك سلمان، وهل المؤشرات العملية أقوى أم التحليلات السياسية؟
واقع إخوان الخليج
لا يختلف اثنان أن إخوان الخليج يعيشون محنة هي الأقسى التي تمر عليهم. ولا يختلف اثنان أن للملك الراحل عبد الله دور كبير مع مسؤولين في دولة الإمارات في محاصرة إخوان الخليج. صحيفة الواشنطن بوست، نشرت دراسة مفصلة حول مستقبل إخوان الخليج، تحدثت فيه بإسهاب عن واقعهم وخاصة في السعودية والإمارات، وتوقعت لهم مستقبلا غامضا. ويبدو أن هذه الدراسة لم تأخذ بالاعتبار "العهد الجديد".
عهد الملك سلمان
استند المتفائلون بتحسين مستقبل وواقع إخوان الخليج بكثير من المؤشرات العملية والتصريحات الرسمية. ولتأصيل هذا التفاؤل، فإن زيارة الرئيس محمد مرسي إلى السعودية في أول زيارة خارجية له بعد فوزه بالانتخابات، والصورة الحميمية التي جمعته مع ولي العهد آنذاك "الملك سلمان" تعتبر شاهدا قويا على هذا التفاؤل. و كان المؤشر الثاني في تأصيل توجهات الملك سلمان، هو تصريحات قبل نحو عام ونصف لعضو مجلس الشورى السعودي السابق "صدقة فاضل"، و طالب بإعادة مرسي إلى منصبه بعد الانقلاب عليه. ويبدو أن "فاضل" كان يعبر عن تيار كان "كامنا" في السعودية، وعبر عن نفسه اليوم بوضوح، وهو توجهات الملك سلمان.
مؤشرات عملية على التغيير
سابقت تلك المؤشرات الزمن ومنذ لحظة الإعلان عن وفاة الراحل "عبدالله". فقد استقبلت السعودية لمراسم التشييع الرئيس التركي أردوغان، وخالد مشعل وأمير قطر الشيخ تميم، في حين لم يجد له عبد الفتاح السيسي ولا ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد ولا محمد دحلان موطئ قدم للمشاركة.
كما كان لحل "مجلس الأمن الوطني" وهو المسؤول عن السياسة الأمنية الصدامية مع الإخوان، و إعفاء أمراء وشخصيات تدفع باتجاه العداء مع الإخوان مؤشرات إضافية نحو رحلة التغيير.
تصريحات سعود الفيصل
مؤخرا، كان لوزير الخارجية سعود الفيصل تصريحات وردت في مقال لسمر المقرن، التي تمنت ذات يوم "أن يحشرها الله مع السيسي ومحمد دحلان..." تعبيرا واضحا على التغيير في الأجندة السياسية والإعلامية للمملكة على حد سواء. المقرن نقلت عن الفيصل، تصريحا يؤكد أنه "لا مشكلة بين السعودية والإخوان المسلمين، إلا لمن لديه بيعة للمرشد"، وهذا عمليا يشكل تراجعا سعوديا جوهريا وليس مجرد مراجعة.
تصريحات التويجري
نفى عضو مجلس الشورى السعودي السابق أحمد التويجري تعميم مفهوم الإرهاب على جماعة الإخوان المسلمين. وقال التويجري في لقاء مع قناة "روتانا خليجية"، "إن جماعة الإخوان المسلمين ينضوي تحتها أمم، ولا يستيطع عاقل أن يصفها بالإرهابية"، وأن وجود اسمها في قائمة الإرهاب السعودية، "تم فهمه خطأ".
المتشائمون من التغيير
أكد الأكاديمي السعودي محمد الحضيف، في برنامج حواري على قناة "فور شباب"، أن "التغريبيين في السعودية قلقون من تغييرات الملك سلمان"، مضيفا "أتوقع أن يمد الملك سلمان يده لجماعة الإخوان المسلمين".
الكاتب السعودي مشاري الذايدي، كتب مقالا في الشرق الأوسط بتاريخ (14|2) بعنوان "الإخوان هم الإخوان"، أصر على إثبات أن "عداء السعودية والإخوان ليس وليد اليوم" في محاولة منه لتبديد التفاؤل بتطور علاقة السعودية بأكبر تجمع سياسي مدني في العالم العربي.
تقرير غربي استراتيجي
استبعد تقرير ذو صبغة أمنية أن يتخلى الملك سلمان عن دعمه المباشر لنظام السيسي. وادعى التقرير، الذي موقع "رأي اليوم"، أن "الإستنتاجات النهائية التي عقدها فريق من الاستراتيجين ومسؤولين في الأردن تفيد بأن رهان الإخوان على حدوث "تحول" في موقف الملك سلمان من الموضوع المصري "لا أساس له من الصحة" ولا يمكن إعتباره حجرا أساسيا جديدًا للتحدث عن تحولات في الموقف السعودي".
التغيير السعودي حقيقة أم وهم
لا شك أن الوجه الجديد للسياسة السعودية لم يظهر تماما بعد، وأن المملكة تخوض جهودا كبيرة من مراجعة الملفات والعلاقات، وأنه لا يقين حتى الآن بتوجهات المملكة. ولكن من المؤكد، أن هناك تغييرا قد حدث، وسيتم تطويره لصالح شعوب المنطقة واستقرارها وأمنها وتصالحها، وليس أدل على ذلك من الاستماتة لإثبات أن السعودية لن تغير علاقتها "الصدامية" مع الإخوان!