تعمل البنوك الروسية على تطوير خبراتها في مجال التمويل الإسلامي للمساعدة على توسيع مصادر التمويل بالنسبة للشركات المحلية على الرغم من أنّ العقوبات الغربية المفروضة على موسكو على خلفية الأزمة الأوكرانية وكذا غياب الإطار التنظيمي من الممكن أن تعوق الجهود المبذولة في هذا الصدد.
وذكرت صحيفة " موسكو تايمز" الروسية في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء أنّ القطاع المصرفي الإسلامي في روسيا لا يزال في أطواره الأولى، لكن المسلمين الذين يعيشون في البلاد والذي يُقدر عددهم بـ 20 مليون شخص يعتبرون مصدرًا محتملًا للأموال مثل الصناديق الإسلامية بالخارج الغنية بالنقد.
وأضاف التقرير أنّ التمويل الإسلامي قد أضحى مصدر تمويل شائع لبعض الحكومات والشركات الأخرى حول العالم في السنوات العديدة الماضية، مع إقدام دول غير إسلامية حتى مثل بريطانيا وجنوب إفريقيا على إصدار سندات إسلامية "صكوك" العام الماضي.
ومع ذلك، وفقًا للتقرير، يسعى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية إلى خفض تمويلاتها الخارجية للشركات الروسية بسبب دعم موسكو للانفصاليين الموالين لـ موسكو في شرقي أوكرانيا.
وأشار التقرير إلى أنّ البنوك في منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا، والتي تمثل أسواقًا رئيسية للديون المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، على دراية بأنها باتت متضمنة في العقوبات. ولذا، تحاول بعض البنوك الروسية جاهدة بناء معرفة خاصة بها بالتمويل الإسلامي.
فعلى سبيل المثال، يسعى Vnesheconombank بنك التنمية الحكومي في روسيا المعروف اختصارًا بـ " في إي بي" VEB والذي طالته العقوبات الغربية للحصول على دعم من شركات شرق أوسطية لتطوير خبراته في مجال التمويل الإسلامي دون تسمية تلك الشركات، بحسب الناطق الرسمي للبنك.
وقال الناطق الرسمي: إن "في إي بي يسعى إلى تنويع أدوات تمويل المشروع، ويأخذ في الاعتبار أدوات التمويل الإسلامي في هذا الخصوص."
ويستكشف "في تي بي" VTB، ثاني أكبر بنك في روسيا والذي كان هدفًا أيضًا للعقوبات الغربية، معاملات بالصكوك الإسلامية مع العديد من عملائه على الرغم من أنّ ثمة بعض الأسئلة التي لا تزال تحوم حول المعالجة الحسابية لمثل تلك المعاملات، وفقًا لتصريحات البنك لوكالة رويترز.
وتابع: "ومع ذلك، يظل هذا قضية حالية، ولاسيما بالنظر إلى الاهتمام المتزايد بالأسواق الأسيوية."
وكان مسؤولون من مؤسسات شملت بنك موسكو الصناعي و" في إي بي" و" إس إم إي بنك" SME Bank وصندوق الاستثمارات المباشرة الروسي قد شاركت في ديسمبر الماضي في بعثة تجارية إلى دول الخليج والتي تم التركيز في مناقشاتها على أفاق التمويل الإسلامي.
وفي الشهر ذاته، وقعت وكالة التصنيف الوطنية الروسية اتفاقية مع وكالة التصنيف الدولية الإسلامية التي تتخذ من البحرين مقرا لها للقيام بتصنيفات مشتركة للمنتجات المالية الإسلامية.
وسوف يتيح ذلك القيام بتصنيفات متوافقة مع الشريعة الإسلامية للديون السيادية والمؤسسات المالية الإسلامية، بحسب تصريحات وكالة التصنيف الوطنية الروسية.
لكن غياب الإطار التنظيمي في روسيا بالنسبة للتمويل الإسلامي لا يزال يمثل عقبة في سبيل تطوير هذا القطاع، إذ إن كلاً من الجهات القائمة على إصدار الصكوك وكذا المستثمرين يعولون على قواعد واضحة لخفض المخاطر والتكاليف.
وكانت رابطة البنوك الروسية قد طالبت البنك المركزي بتطوير التمويل الإسلامي، مقترحة عليه تبني قانون فيدرالي خاص في هذا الخصوص. ويمكن للبنك المركزي استلهام تجارب جمهوريات سوفيتية سابقة مثل أزربيجان وقيرغيزستان وكازاخستان والتي قامت جميعها بالفعل بإعداد مسودات قوانين لتنظيم الصيرفة الإسلامية.
وكانت مجلة "بزنس إنسايدر" الأمريكية قد سلطت مؤخرًا الضوء على التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي الروسي في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن زهاء 20% من البنوك هناك تواجه خطر الانهيار الناجم عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن جراء العقوبات الغربية المفروضة على موسكو على خلفية الصراع في أوكرانيا والتراجع الحاد في سعر العملة المحلية " الروبل".
وذكرت المجلة في تقريرها أن ثمة 200 بنك في روسيا على شفا الانهيار هذا العام، بحسب تقديرات مركز تحليلات الاقتصاد الكلي والتوقعات قصيرة المدى The Center for Macroeconomic Analysis and Short-Term Forecasting، عازية السبب إلى تضافر مجموعة من العوامل من بينها القروض المعدومة وانخفاض قيمة الروبل الذي أثر سلبا على الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وكانت الحكومة الروسية قد اضطرت بالفعل إلى ضخ ما إجمالي قيمته 2.4 مليار دولار في المؤسسات المالية الشهر الماضي، من بينها بنوك مملوكة للدولة أمثال "في تي بي" VTB و " جازبرومبنك" Gazprombank. ومن المتوقع أن ترتفع تلك الفاتورة مع تصريحات المحللين بأنّه من الممكن أن تكلف مساعدات الإنقاذ تلك الحكومة 40 مليار دولار أخرى هذا العام.