في الوقت الذي كان الشعب الأمريكي ينتظر فيه خطاب حالة الاتحاد للرئيس باراك أوباما عن قرارته وخططه لمكافحة التطرف الإسلامي، تبدو اليمن على حافة الانهيار .. بتلك الكلمات علقت مجلة (تايم) الأمريكية في تقريرها تحت عنوان (المتمردون الحوثيون يقومون بانقلاب ضد حليف حيوي لواشنطن).
وفي رصد لتطورات الموقف باليمن، قالت الصحيفة "إن المتمردين الحوثيين الشيعة هاجموا منزل الرئيس اليمني عبدربه هادي منصور في حين سارعوا للهجوم على القصر الرئاسي بالعاصمة صنعاء، ويقول مسئولون حكوميون إن الحوثيين قاموا بانقلاب على هادي".
أما هادي فهو حليف أساسي للولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، لكن سيطرته على السلطة منيت بضربات متواصلة من القوات الحوثية على مدار الأشهر الأربعة الماضية، وخلق القتال بين القوات الحكومية والحوثيين الشيعة فراغا يخشى الخبراء أن يستغله التنظيم المسلح لتوسيع قاعدته في البلاد التي يغيب عنها القانون بشكل متزايد.
سعيد وشريف كواشي، الأخوان الفرنسيان المنفذان لعملية الهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، ينتميان لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، حيث قالا أثناء الهجوم "أخبروا وسائل الإعلام أن من قام بذلك هو القاعدة في اليمن".
لقد سبق وأن أشارت واشنطن إلى أن علاقاتها باليمن تشهد نجاحا متزايدا على صعيد الحرب على الإرهاب، ففي في العاشر من سبتمبر الماضي، أعلن أوباما بداية حملته ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وأعلن نهجا أخف وطأة في التعامل مع الإرهاب داخل اليمن حيث قال أوباما في خطابه للأمة العام الماضي.
وقال أوباما: "أريد أن يدرك الأمريكيون كيف ستكون تلك الجهود مختلفة عن حربي العراق وأفغانستان، وتلك الاستراتيجية بإخراج الإرهابيين الذي يهددونا، ومساندة أنصارنا على الخطوط الأمامية هي السياسة الأكثر نجاحا لنا في اليمن والصومال على مدار سنوات".
لكن وبعد 11 يوما فقط من ذلك الخطاب، تم طرد القوات الحكومية اليمنية من أجزاء بالعاصمة صنعاء من قبل الحوثيين، والذين سيطروا منذ ذلك الوقت على عدة وزارات، ويقول ديفيد سيدني وهو مسئول كبير بالبنتاجون "إن سياسات مكافحة الإرهاب الأمريكية جنت ثمارها على المدى القصير بإبعاد القاعدة في شبه الجزيرة العربية عن الانخراط في بعض الهجمات على الولايات المتحدة التي كانت ترغب القاعدة في تنفيذها".
ويتابع سيدني "لكن ذلك النجاح قصير المدى لم تتبعه استراتيجية على المدى الطويل، وكانت النتيجة دولة تنحدر إلى الفوضى، تسيطر عليها جماعات ذات أيديولوجيات مختلفة القاسم المشترك بينها هو كراهية أمريكا".
ويضيف سيدني أن السياسة الأمريكية في مكافحة الإرهاب داخل اليمن تتم من خلال شن هجمات باستخدام طائرات دون طيار، والغارات الجوية لتلك الطائرات والهجمات التي تشنها القوات اليمنية الخاصة خلقت جحافل من الأعداء الجدد للولايات المتحدة، الذين ينظرون إلى أنها مؤيدة للقيادة الفاسدة القمعية المتهالكة، ولا يتضح ما إذا كانت الإدارة قد تعلمت أي دروس من فشلها الذي يظهر جليا على السطح"
ويختتم المسئول العسكري تصريحاته بالقول "إذا اقتصر رد الفعل الأمريكي على زيادة عدد الغارات الجوية من خلال الطائرات دون طيار مع إرسال المزيد من القوات الخاصة، فعلينا أن نتهيأ بشكل أفضل لما هو أصعب ولسنوات أكثر عنفا في المستقبل".
أما كريستوفر سويفت، الخبير في الشئون اليمنية بجامعة جورج تاون الأمريكية "إن جهود واشنطن داخل اليمن تتسم بالضعف، فعلاقاتنا مع اليمن، سواء عسكرية أو سياسية، لا تتجاوز حدود العاصمة، والأشرار يتركزون خارج ذلك النطاق بعيدا عن العاصمة، والقاعدة تستقر هناك ولن ينجح اليمنيون في طردها، أما واشنطن من جانبها لا تطمح في أن تلحق هزيمة ساحقة بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية".
في الفترة ما بين عامي 2011 و 2014، ضخت الولايات المتحدة 343 مليون دولار داخل اليمن، لمكافحة التنظيم المسلح، ومن المقرر أن توفر واشنطن 125 مليون دولار على شكل أسلحة وتدريب عسكري لليمن في عام 2015 فضلا عن 75 مليون كمساعدات إنسانية.