أزمة تلو الأخرى، اقتتال في كل مكان، ودولة تبحث عن دولة، وشيعة يتمددون، وشعب يسابق الموت، لا يعرف مصيره، اختطاف هنا، واغتيالات هناك، وصنعاء في أزمة، ربما تعصف بالمستقبل اليمني وتُدخله في حرب أهلية.
فقد شهد محيط دار الرئاسة اليمنية بصنعاء، اشتباكات بين قوات الحرس الرئاسي ومسلحين من جماعة الحوثي، وذلك وسط انتشار مكثف للدبابات والآليات العسكرية في جميع المناطق المحيطة بدار الرئاسة، وذلك في أشرس مواجهات منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية في شهر سبتمبر الماضي.
اشتباكات عنيفة
وقد سقط قتيل و9 جرحى في حصيلة أولية للاشتباكات بين مسلحي الحوثي وقوات الحماية الرئاسية في صنعاء، والتي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة، حسب مصدر مسؤول في وزارة الصحة.
الأحداث الأخيرة في صنعاء، بات تنذر بـ"اقتراب الأيام الأخيرة" للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في الحكم، عبر انقلاب عسكري، وأنه أصبح "فاقد السيطرة على السلطة لصالح الحوثي الذي بات يسيطر على العاصمة وأجزاء واسعة من البلاد، منذ أشهر، خصوصًا بعد الاشتباكات التي وقعت بين حرس القصر الرئاسي ومقاتلي جماعة الحوثي.
شيعة إيران
ويرى مراقبون أن هادي الذي أتى إلى الحكم في فبراير 2012 بموجب المبادرة الخليجية لتسوية ثورة 2011، كمرشح وحيد لطرفي الأزمة، نظام الرئيس السابق (علي صالح)، وطرف الثورة ممثلًا في تحالف اللقاء المشترك المعارض، هو اليوم فاقد السيطرة على السلطة، لصالح الحوثي الذي بات يسيطر على العاصمة وأجزاء واسعة من البلاد منذ سبتمبر الماضي، موضحين أن إيران تدعم الحوثي، تحت شعار الحياة أو الموت.
وجراء ذلك، يواجه هادي الذي كان يحظى بتأييد جماهيري واسع في بدايات حكمه وانعكس في الملايين الستة الذين انتخبوه (من إجمالي عدد السكان 25 مليون نسمة) على أمل التغيير والاستقرار، أسوأ تأييد شعبي لرئيس يمني على الإطلاق، ويكاد يكون منعدمًا، حيث يحمله الجميع المسؤولية عن وقوع البلاد تحت سيطرة الحوثي، بل ويذهب بعضهم إلى اتهامه بالتآمر معه في ذلك، وفقًا لمراقبين.
حرب أهلية
الخبير العسكري اللواء عبد الحميد السيد، قال إن اليمن يسير نحو الحرب الأهلية، وهو ما تسعى إليه إيران منذ سنوات، مضيفًا أن الرئيس منصور هادي على شفا خروجه من قصر الرئاسة.
وأوضح لـ"مصر العربية" أن الحوثي سيحكم اليمن في الأيام القادمة، بعد أن حاصرها من جميع الجهات، وأنهك الجيش اليمني، الذي في طبيعته هو مؤيد لنظام علي عبد الله صالح، قائلًا إن هادي لم يعد له تواجد في الشارع اليمني، حتى من انتخبوه خرجوا عليه بعد أن مكن الحوثيين في مفاصل الدولة.
وتابع أن اليمن قد يتحول في الأيام القادمة إلى اقتتال طائفي، وقد يتمزق إلى دويلات، في الجنوب والشمال والوسط، بين الشيعة والحراك الجنوبي، والقاعدة والسنة.
فصائل جنوبية
الكاتب والمحلل السياسي، رياض الأحمدي قال: "أصبح هادي فاقد الغطاء السياسي داخليًا، إلا من تأييد بعض الفصائل الجنوبية المحسوبة على محافظته (أبين - جنوب) والممولة منه كلجان شعبية، إلا أنها تمثل نسبة قليلة في فسيفساء الحراك الجنوبي المتعدد الزعامات والولاءات، حتى أن فروع حزب المؤتمر في الجنوب انحازت إلى "صالح" ضده، واستبدل جنوبيين آخرين في منصبي نائب رئيس الحزب والأمين العام".
وبحسب الكاتب والناشط حمزة المقالح، فإن "صالح يحتاج إلى التخلص من هادي، ليكون تحركه مع الحوثيين لإسقاط البلاد، مفيدًا له ولعودته من خلال نجله (أحمد) أو بأي شكل آخر إلى السلطة".
من جهته، شكل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لجنة أمنية مشتركة لوقف إطلاق النار في محيط دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء.
انقلاب عسكري
وقالت وزيرة الإعلام نادية السقاف، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن اللجنة مكونة من وزيري الدفاع والداخلية، إضافة إلى الحوثيين.
وأوضحت أن صالح الصماد مستشار الرئيس عن الحوثيين دعا الجميع إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن اللجنة ستبدأ أعمالها في الساعات القادمة.
وأعلنت السقاف أن الفضائية اليمنية ووكالة سبأ الرسمية لم تعودا تحت سيطرة الدولة، وأن الحوثيين سيطروا عليها تمامًا.
وأوضحت أن الوكالة والفضائية ترفضان نشر بيانات الدولة الرسمية، معلنة رفع الشرعية عنهما، واصفة هجوم الحوثي بالانقلاب العسكري.
ووجهت الوزيرة السقاف المواطنين بمشاهدة أخبار وبيانات الدولة عبر قناة عدن الفضائية وليس الفضائية اليمنية ولا وكالة سبأ، بالإضافة إلى متابعة حسابها على موقع تويتر.