تتوقع الاستخبارات العسكرية في إسرائيل»أمان» أن يكون عام 2015 عاما قاسيا بالنسبة لها لا سيما في ظل توقعات بانهيار الأنظمة العربية التقليدية وازدياد قوة الجهاد العالمي.
هذه الرؤية المتشائمة هي خلاصة تقرير سنوي قدمته وحدة الأبحاث داخل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية لقادة الأركان العامة في جيش الاحتلال عشية إطلالة السنة الجديدة. ويعتبر التقرير السنوي خريطة التهديدات الخارجية التي على أساسها تبلوّر إسرائيل خطة عمل أمنية واقتصادية وسياسية سنويا.
وترى صحيفة «يديعوت أحرونوت» التي نشرت التقرير السنوي في ملحقها الأسبوعي أن «التوقعات السوداء» للعام الجديد ستقع على عاتق حكومة جديدة وقائد جيش جديد وربما وزير أمن جديد في إسرائيل مما يحول الحالة لمقلقة أكثر.
روسيا وسوريا
وتنتظر الشرق الأوسط في العام الجديد وفق «أمان» أحداث قاسية من شأنها زعزعة استقرار المنطقة دون إنذار مبكر وتجعلها أحد أسوأ وأخطر الأماكن في العالم.
وينطلق التقرير السنوي من رؤية واسعة تلاحظ فقدان هيمنة دولة عظمى على المنطقة تعمل على موازنة الأمور وتصنع شراكات دولية تتيح هدوءا فيها.
ويشير لتراجع نفوذ وهيبة الولايات المتحدة التي لم تعد تتحرك فيها دون حلفاء عرب أو أجانب، فيما يوشك اليأس أن يستبد بروسيا من عجز الجيش السوري. وبحسب التقرير الإسرائيلي فقد توصل الخبراء الروس والإيرانيون لاستنتاج أن الجيش السوري لن يحقق الهدف المنشود وحسم المعركة لصالحه ولذا فهم يحاولون التوصل لحل وسط بالتعاون مع الولايات المتحدة يقوم على تقاسم السلطة.
ويشير التقرير السنوي أن الأسد يسيطر على نحو ربع سوريا فقط وأن إسرائيل تقدم مساعدات إنسانية لقوى المعارضة مقابل منعها جهات إسلامية متطرفة الاقتراب من حدودها في الجولان.
طهران وواشنطن
ويقدم التقرير السنوي صورة مركبة حول إيران ويقول إن أحدا لا يعرف احتمالات توقيع اتفاق بينها وبين الولايات المتحدة. ويفيد بأن إسرائيل اعتبرت حتى اليوم توقيع الاتفاق سيئا لها، وفي المقابل يشير إلى دوره في ضبط سلوك حزب الله في جنوب لبنان مقابلها. كما يرجح أن فشل التوصل لاتفاق مع إيران سيعيد ربما قوى متطرفة للحكم فيها مما يعني تدهور الأوضاع على الحدود مع جنوب لبنان.
التقرير السنوي الذي يستند على شهادات رسل وعملاء إسرائيليين في دول عربية يصف عالما يستفحل فيه الفساد الاجتماعي والتحلل السياسي ويستفحل فيه الفقر.
أسعار النفط
ويرجح «أمّان» أن الأزمة الاقتصادية في «دول الربيع العربي ستتعمق نتيجة انهيار أسعار النفط مما يساعد على الانهيار الداخلي في دول مركزية كسوريا وليبيا والعراق ومن شأنها زعزعة أنظمة مستقرة مثل مصر وإيران.
ويدلل على خطورة الأزمة الاقتصادية بالإشارة إلى ازدياد نسبة البطالة لدى الشباب في السعودية وفق التوقعات لـ 30% ويتابع «لا غريب أن الكثير من السعوديين يلتحقون بمنظمات الجهاد العالمي». ولكن ليس السعودية فقط، فالتقرير يرى أن أوساطا واسعة من الشباب لن يجدوا أنفسهم في مجتمعات إسلامية والنتيجة ازدهار حركات متطرفة حول إسرائيل.
تسونامي عنيف
كما يحذر التقرير من أن سفك دماء مسلمين بيد مسلمين عندئذ سيدفع بتسونامي عنف نحو حدود إسرائيل، موضحا أن الكابوس الذي ينزع النوم من عيون مسؤولي الاستخبارات العسكرية في 2015 يكمن في عدم معرفتهم تشخيص التسونامي في مرحلة تكونه. ويعتبر التقرير السنوي أن هناك شأنين آخرين سيشاركان بتحديد وجه العام الجديد هما الانتخابات العامة في إسرائيل وتأثير هبوط أسعار النفط.
ويرجح أن دول الخليج ستتمكن من اجتياز تبعات هبوط سعر النفط بفضل ما ادخرته من ثروات بعكس إيران وليبيا والعراق المرشحة لسقوط أنظمتها واتساع الفوضى فيها. كما يرجح التقرير السنوي انهيار الدولة القومية في المنطقة، ويشير لانقسام ليبيا لثلاثة أقسام والسودان لشطرين منوها لانحلال اليمن وسوريا، والعراق والصومال لاحتمال تفشي الظاهرة.
داعش بالأردن
ويحذر من تفشي «داعش» سياسي في جنوب الأردن مما يزيد من مخاوف إسرائيل على مستقبل النظام في الأردن. ويكشف أن إسرائيل تنتظر عملية عسكرية من الجنوب بسبب انتشار «أنصار بيت المقدس في سيناء المرتبط بالقاعدة لا سيما أن أمير تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي المهتم بالشرق الأوسط أكثر من أيمن الظواهيري أعلن قبل أسابيع أن إسرائيل واحدة من أهدافه.
ويبدي التقرير قلق إسرائيل من تنامي الجهاد الإسلامي من حولها في سيناء وغزة وسوريا والعراق والصومال واليمن. وتحذر الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من محاولات إيران وسوريا استعادة حركة حماس لأحضانها. ولا يستبعد التقرير حربا جديدة على غزة في العام الجديد رغم أن حماس تمتلك اليوم 30 % من ترسانتها قبل عدوان «الجرف الصامد» مشيرا إلى أنها زادت ذخائرها منذ انتهائها بنسبة 5-10%.
هذا علاوة على ترميم أنفاق عسكرية بفضل اقتناء حماس اسمنت من 8000 آلاف صاحب بيت حازوا على مواد بناء من الأمم المتحدة مؤخرا.
إسرائيل والسلطة
وتتوقع التقديرات ارتفاع التوتر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية نتيجة توجه الأخيرة للمحافل الدولية محذرة من احتمال انفجار عنيف جديد. كما تتوقع تقديرات «أمّان» عودة الاحتجاجات لمصر والأردن لا سيما أن الحالة الاقتصادية فيهما صعبة. وتشير التوقعات إلى انتقال بعض أعداء إسرائيل مثل حزب الله وحماس من طريقة الدفاع والاستنزاف للهجوم وقتال على الأرض الإسرائيلية وهذه تهدف أيضا لنيل صورة انتصار والمس بقدرة الإسرائيليين على الصمود. ويتابع «من دروس» الجرف الصامد «امتلاك حماس لقذائف هاون قصيرة المدى تحمل مواد متفجرة كبيرة ولذا يحتاط حزب الله اليوم على صواريخ من هذا الطراز «بورقان» تبلغ مداها خمسة كيلومتر»، هذا إضافة لإطالة العدو أمد الحرب وتوزيعه لقواعد على نحو يتحاشى ضربة واحدة قاضية.
كما يحذر التقرير السنوي من عدم الاستعداد لحرب السايبر التي شهد العالم تبعاتها في كوريا الشمالية قبل أيام. وتأخذ أوساط في جيش الاحتلال على «أمان» بأن التقرير السنوي يقوم على التحليل أكثر مما على حقائق وأنه يرى التهديدات فقط لا الفرص في 2015.