صحيفة أمريكية: ميليشيا الحشد الشعبي أخطر على العراق من "داعش"
واشنطن
– الإمارات 71
تاريخ الخبر:
26-12-2014
قالت صحيفة "كريستشن ساينس مونيتور" الأمريكية في تقرير لها إنه "في الوقت الذي تستعد فيه وزارة الدفاع الامريكية لإرسال 1500 جندي آخر إلى العراق للمساعدة في القضاء على مقاتلي الدولة الاسلامية، يُحذر مساعد سابق للجنرال ديڤيد بيترايوس بأن هؤلاء الجنود الامريكيين يمكن ان يواجهوا خطرا أكبر من خطر مقاتلي داعش هو ميليشيات الشيعة التي تدعمها إيران.
وأشارت في التقرير الذي كتبه "آن مورلين" إلى "إزدياد انتشار هذه الميليشيات في مختلف مناطق البلاد هذه السنة بعد ان فشلت قوات الأمن العراقية في مواجهة مقاتلي الدولة الاسلامية بل ورمى أفراد تلك القوات بذاتهم العسكرية وهربوا من المعركة".
بالمقابل نجد ميليشيا الشيعة أفضل تدريبا لأنها في الكثير من الحالات تلقت هذا التدريب من قادة عسكريين إيرانيين، بل وكانت هذه الميليشيات هي المسؤولة عن موت مئات الجنود الأمريكيين في ذروة الحرب في العراق.
صحيح أن الدولة الاسلامية ربما تكون عدواً عسكريا قويا، لكنها لا تحظى سوى بتأييد ضعيف نسبياً من العراقيين بالمقارنة مع ميليشيات الشيعة التي تثير مخاوف سُنة العراق وأقلياته بمحاولاتها ترسيخ قوتها بشراسة.
وهذا ما يدفع بعض المحللين للقول إن السُنة العراقيين يتحملون ما تفعله الدولة الاسلامية الآن لأنهم يرون فيها قوة موازنة لميليشيات الشيعة، وبهذا يمكن أن تثير هذه الميليشيات مشكلة شائكة أكثر خطورة من تهديد الدولة الاسلامية لمستقبل العراق الموحد.
يقول الكولونيل پيتر منصور: عندما كنت أعمل مع بيترايوس عام 2007 قلت له إن خطر ميليشيات الشيعة على سيادة العراق أكبر على المدى الطويل من خطر "القاعدة في العراق". والحقيقة أن لا شيء تغير كثيرا الآن، فقد حلّت الدولة الاسلامية أو "داعش" محل "القاعدة في العراق" كأقرب خطر على البلاد.
هذا الرأي يوافق عليه قائد أمريكي كبير سابق في العراق – اشترط عدم الكشف عن اسمه – بالقول: نعم إن خطر ميليشيات الشيعة أكبر من تهديد الدولة الاسلامية لأن هذه الدولة تفتقر الى الجاذبية والجذور التي تمتعت بها "القاعدة في العراق" في أوساط السكان السُنة عند بداية عملية زيادة عدد القوات الامريكية بالعراق في مطلع 2007.
تحدٍ كبير
بل ومع مجيء المدربين الأمريكيين بالمزيد من القدرات الهجومية الجوية والمعلومات، من المتوقع ان تحقق قوات الأمن العراقية المزيد من النجاح في قتالها ضد داعش.
لذا سوف يكمن التحدي الكبير، الذي ربما يواجهه العراق في وقت لاحق، في الاشتباكات التي من المرجح ان تقع بين ميليشيات السُنة والشيعة بل ومع البشمركة الكردية في بعض الحالات من أجل السيطرة على المناطق التي تتنوع الانتماءات الطائفية لدى سكانها.
ويُذكر في هذا السياق أن ميليشيات الشيعة كانت قد اقتلعت الكثير من الاسر السُنية من مثل هذه المناطق منذ سنوات، لكن تلك التوترات يمكن أن تتصاعد وتزداد في الاشهر المقبلة إذا تم تطهير هذه المناطق من مقاتلي الدولة الاسلامية التي سيطروا عليها أخيرا.
يد خفية
يقول منصور: إذا أردنا القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية ينبغي العمل لدفع العشائر السنية من جديد للوقوف ضد داعش كما وقفت ضد القاعدة في العراق سابقا.
ويضيف منصور: غير أنى لا اعتقد ان هذه العشائر ستفعل هذا هذه المرة إذا أحست أن هناك يدا خفية وراء الحكومة العراقية هي ميليشيا الشيعة التي تتميز بنزعة طائفية شديدة.
وتُعلق على هذا كيمبرلي كاغان مؤسسة ورئيسة مهد دراسات الحرب قائلة: الواقع أن هذه "اليد الخفية" التي يرعاها الايرانيون، ولديها مركز قيادة وتحكم، واضحة على نحو متزايد في تنظيم ميليشيات الشيعة، واعتقد ان هذه الميليشيات سوف تقضي على سيادة العراق من خلال نقل المسؤولية من قوات الأمن العراقية من أيدي المسؤولين العراقيين ووضعها في أيدي إيران.
وللدلالة على ذلك، تعرض كاغان صورة لمراكز قيادة وتحكم خاصة بقوات الأمن العراقية يبدو منها عدد من ميليشيات شيعية يتطلع أفراده إلى خريطة كبيرة ويتدارسون الخطط التي يتعين تبنيها.
ولا شك أن لهذه الصورة مضامين خطيرة على الجنود الامريكيين الذين سيتجهون إلى العراق الشهر المقبل لتدريب قوات الأمن العراقية. وسوف يتم نشر هؤلاء الجنود على الارجح شمال بغداد وفي محافظة الانبار التي يعمل فيها المسؤولون الامريكيون من أجل إنشاء "الحرس الوطني العراقي" الذي يتألف من رجال العشائر السنية.
تقول كاغان: علينا التركيز على تدريب هذه العشائر لتوفير الامن على المدى الطويل في محافظة الانبار التي يهيمن عليها السكان السُنة.
وتضيف كاغان: لكن المشكلة هي ان الحكومة العراقية لا تزال تفضل تعبئة ميليشيات الشيعة بدلا من الاعتماد على قوة الحرس الوطني وتعبئة زعماء العشائر السنية.
لعل من المفيد الإشارة أخيرا إلى أن رئيس الحكومة العراقية الجديد حيدر العبادي، الذي تولى منصبه في اغسطس الماضي، كان قد تعهد بتغيير، ليس فقط اتجاه واسلوب العمل بل وايضا جوهر السياسة. لكن إذا كان قد نجح خلال الفترة القصيرة الماضية من توليه منصبه في تحقيق الجزء الاول من تعهده هذا الا ان من غير الواضح ما إذا كان سينجح بالفعل في الجزء الثاني منه.