بينما تتهيأ الولايات المتحدة لإصدار تقريرها عن استخدام التعذيب في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، تشعر عدة دول حليفة لواشنطن وبينها بريطانيا بالقلق من إلقاء التقرير الضوء على دورهم في برنامج الترحيل واستجواب المعتقلين التابع للسي آي إيه .
هكذا استهلت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرها الذي جاء تحت عنوان (بريطانيا ضمن حلفاء أمريكا الخائفين من فضائح الضلوع في برنامج ترحيل واستجواب المعتقلين).
وتشير الصحيفة في تقريرها الذي نشر اليوم الثلاثاء إلى أنه بعد مرور 6 أعوام من مراجعة الوثائق الخاصة بالسي آي إيه، ستصدر لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي ملخصا من 480 صفحة من أصل تقريرها المكون من 6200 صفحة عن أساليب التعذيب التي استخدمتها الوكالة مع المشتبه بانتماءهم لتنظيم القاعدة والمحتجزين بسجون سرية في أوروبا وأسيا والشرق الأوسط.
وتوضح الصحيفة أن تقريرا مفصلا غير رسمي خلص العام الماضي إلى أن البرنامج شارك به 54 دولة من شتى أنحاء العالم، 25 منهم من أوروبا، غير أن ملخص التقرير الذي ستصدره لجنة مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء تمت مراجعته بالتشاور مع وكالة الاستخبارات المركزية لكن وفقا للتقارير الإعلامية فإن رئيسة لجنة الاستخبارات ديان فينشتاين استطاعت تحقيق نصر من خلال الاحتفاظ داخله بكميات كبيرة من المعلومات عن أنشطة حلفاء الولايات المتحدة.
وتلمح الصحيفة إلى أن الحكومة البريطانية، والتي لم تسمح بفتح تحقيق حول ضلوعها في عمليات الاختطاف والتعذيب التابعة لبرنامج السي آي إيه، تشعر بالقلق مما يخفيه التقرير من معلومات عن دورها في عمليات الترحيل والاستجواب.
وتؤكد الصحيفة أن خدمة الاستخبارات السرية البريطانية (إم أي 6) اشتركت عام 2004 في برنامجين لترحيل واستجواب المعتقلين مع السي آي إيه، لاختطاف اثنين من المعارضين الليبيين وزوجاتهم وأطفالهم ثم نقلهم جوا إلى سجون معمر القذافي، وكانت إحدى الزوجتين حبلى وقالت إنه تم تقييد جسدها خلال رحلة الطيران التي استمرت 17 ساعة.
وعلاوة على ذلك، استجوب ضباط تابعون للاستخبارات البريطانية معتقلين في سجن ساحل جونتنامو وقاعدة باجرام العسكرية بأفغانستان، على الرغم من علمهم بالتعذيب الذي تعرض له هؤلاء المعتلقين، وأمدتهم الحكومة البريطانية بالدعم اللوجيستي للطائرات في عمليات الترحيل وسمحت أيضا بتزويد الطائرات بالوقود في المطارات المدنية والعسكرية وتم ترحيل معتقلين اثنين من خلال جزيرة دييجو جارسيا البريطانية.
وعلى الرغم مما سبق، لا تزال التفاصيل المتعلقة بالدور الكامل لبريطانيا في تلك العمليات غير واضح، ففي العام الماضي، أرجأت الحكومة البريطانية تحقيقا رسميا بعد أن صرح القاضي المسئول أن هناك 27 جزئية ظلت دون إجابة حول دور بريطانيا في برنامج تعذيب وترحيل المعتقلين، لكن اﻵن سيتم التعامل مع ذلك التحقيق من قبل لجنة الأمن والاستخبارات، وهي هيئة مكونة من أعضاء من البرلمان ونظراءهم والتي خلصت عام 2007 إلى أن بريطانيا لم تكن شريكة في تلك العملية.
وتشير الصحيفة إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الأسبوع الماضي والتي حذر خلالها فينشتاين من أن تقرير اللجنة التي ترأسها قد يتمخض عنه أعمال عنف ضد واشنطن ويهدد مواطنيها المحتجزين كرهائن لدى الجماعات الإرهابية، وذلك خلال اتصال هاتفي بعد لقاءه بنظيره البولندي ججيجوج سخيتينا.
وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أوضحت في يوليو الماضي أن الحكومة البولندية سمحت للسي آي إيه بإدارة سجن سري شمال البلاد تم بداخله تعذيب اثنين ممن يشتبه في كونهم إرهابيين .. فيما خلصت الإجراءات القضائية والتحقيقات الرسمية إلى تورط إيطاليا والسويد ومقدونيا أيضا في برنامج الترحيل والتعذيب في الوقت الذي تواجه فيها ليتوانيا ورومانيا دعاوى حول ضلوعها في تلك العمليات أمام المحكمة الأوروبية.