كشف المؤشر الذي أعلنته منظمة الشفافية من مقرها بمدينة برلين حصول أعضاء جامعة الدول العربية الـ 21 على تقدير متوسط 35 درجة من درجات المؤشر البالغة 100 درجة، حيث تمثل هذه النتائج تحذيرا من إساءة استخدام السلطة والتعاملات السرية والرشوة في الدول العربية.
فقد سجلت معظم الدول العربية فشلاً في تحقيق أي تقدم في ترتيبها المتأخر على سلم التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية حول مؤشر مدركات الفساد بالعالم خلال العام الحالي، حيث عجزت غالبية الدول العربية عن اجتياز حاجز 50 درجة المطلوب للنجاح في الشفافية ومكافحة الفساد بالمؤشر.
وأظهر المؤشر الذي أعلنته منظمة الشفافية صباح اليوم الأربعاء من مقرها بالعاصمة الألمانية برلين حصول أعضاء جامعة الدول العربية الـ 21 على تقدير متوسط 35 من درجات المؤشر البالغة 100.
وبحسب المؤشر تمثل هذه النتائج تحذيرا من إساءة استخدام السلطة والتعاملات السرية والرشوة الممثلة لآفات مزمنة تخرب اقتصادات الدول بشتى أنحاء العالم.
كما أن مؤشر مدركات الفساد حلل هذا العام مستويات الفساد والشفافية بالقطاع العام في 175 دولة بالعالم، اعتمادا على تقديرات مؤسسات دولية ذات مصداقية مرتفعة، واستثني فلسطين -لما اعتبره - عدم وجود مؤسسات معتبرة فيها يمكن الاعتماد على تقديراتها.
وقُسم المؤشر بين صفر ومائة درجة، وتعكس الدرجة الدنيا وجود مستويات بالغة من الفساد وانعدام الشفافية، بينما تشير الدرجة العليا لنظافة وشفافية بالغين.
واحتلت الدانمارك المرتبة الأولى بمؤشر 2014 بتقدير 92 درجة، بينما تقاسمت الصومال المرتبة الأخيرة مع كوريا الشمالية، كأكثر دول العالم فسادا وانعداما للشفافية بواقع 8 درجات لكل منهما.
وجاءت نتائج معظم الدول العربية في المؤشر مخيبة للآمال مع عدم حدوث تغير ملحوظ في ترتيبها مقارنة بنتائج السنوات الماضية، ولم تفلح سوى دولتين عربيتين هما الإمارات (70 درجة) وقطر (69 درجة) في تخطي حاجز الخمسين درجة المطلوب في المؤشر، واحتفظت الدولتان بنفس ترتيبهما للعامين الماضيين.
واحتلت دول العراق واليمن وسوريا وجزر القمر مراكز متأخرة جدا في الترتيب، بينما تشاركت البحرين والسعودية والأردن بالمرتبة 55، وجاءت الكويت في الترتيب 67، والمغرب 80، ومصر في المرتبة 94، والجزائر 100، وموريتانيا 124.
وفي هذا الصدد لفتت رئيسة قسم الشرق الأوسط وأفريقيا بمنظمة الشفافية الدولية غادة الزغير إلى أن النخب الحاكمة المسيطرة على دول الربيع العربي في الـ 30 عاما الأخيرة واصلت اختطاف هذه الدول والسيطرة على مقدراتها، وتغيير إرادة شعوبها عبر تزوير انتخاباتها وتقويض التداول السلمي للسلطة فيها، وتغييب الشفافية في المعاملات الحكومية خاصة صفقات الأسلحة ونفقات المؤسستين العسكرية والأمنية.
وبينت في حديث لموقع "الجزيرة نت" بخصوص الأموال المنهوبة من دول الثورات والحراك العربي، مشيرة لتقدير مؤسسات مستقلة أن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وعائلته نهب 70 مليار دولار من بلاده، في حين استحوذ الرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي على 21% من مقدرات تونس الاقتصادية.
كما أشارت إلى ذهاب تقديرات أخرى لقيام نظام الرئيس السوري بشار الأسد بتهريب وغسل الأموال من خلال شركة شل النفطية، فيما يحقق تنظيم الدولة الإسلامية ثلاثة ملايين دولار يوميا من ريع بيع النفط بأسعار رخيصة لجهات مختلفة من بينها نظام الأسد نفسه.
وذكرت الزغير أن الصندوق السيادي الليبي الذي يعد ثاني أكبر الصناديق السيادية بأفريقيا تم نهب أمواله البالغة 65 مليار دولار، ولفتت إلى أن الوضع لا يختلف بالعراق الذي جرى نهب مليار دولار من أموال إعماره وتهريبها للبنان، فيما يقدر جهاز المحاسبات بهذا البلد نهب 40 مليار دولار من أمواله العامة سنويا.
على الطرف المقابل امتدحت رئيسة قسم الشرق الأوسط بمنظمة الشفافية "ما تقوم به قطر من تحسين إدارتها ورفع مستوى الشفافية والانفتاح".
من جهته أفاد خوزيه أوغاز رئيس منظمة الشفافية الدولية أن مؤشر مدركات الفساد للعام الجاري أظهر أن النمو الاقتصادي يتقوض وأن جهود وقف الفساد تتراجع عندما يسيء القادة وكبار المسؤولين استخدام الأموال العامة لتحقيق مكاسب شخصية.
ودعا الدول التي حلّت في قاع المؤشر لتبنى إجراءات جذرية لمكافحة الفساد من أجل تحقيق مصلحة شعوبها، واعتبر أنه يجب على دول قمة المؤشر العمل على ضمان عدم تصدير الممارسات الفاسدة للدول ذات معدلات التنمية المتدنية.