كشفت جريدة "أوبزيرفر" البريطانية في تقرير لها أن كلاً من السعودية والامارات ومصر واسرائيل حصلت على أسلحة من بريطانيا خلال العام الحالي، على الرغم من أن هذه الدول ذات أنظمة قمعية تنتهك حقوق الانسان، وتشير الصحيفة الى أن هذه الأسلحة قد تكون استخدمت في عمليات قمع للمعارضة تمثل انتهاكاً لحقوق الانسان.
وتبين من أرقام رسمية بريطانية جرت مناقشتها داخل البرلمان – بحسب التقرير - أن بريطانيا باعت أسلحة إلى من وصفها "الدول المقلقة" بأكثر من 60 مليون جنيه استرليني خلال العام الحالي 2014، فيما كان اللافت أن أكثر من نصف هذه المبيعات ذهبت الى دولة الامارات التي اشترت أسلحة بقيمة 37 مليون جنيه استرليني، تليها السعودية التي اشترت أسلحة بأكثر من 20 مليون جنيه استرليني.
ويقول وزير الدفاع السابق من حزب المحافظين السير جون ستانلي، الذي يترأس لجان مجلس العموم حول القيود المفروضة على تصدير السلاح، إن الوزراء فشلوا في إعلام الجمهور بصدق ونزاهة عن "تغير كبير في السياسة" يسهل تصدير الأسلحة إلى دول سجلاتها سيئة في مجال حقوق الإنسان.
وقال في نقاش برلماني عقد مؤخراً إن الحكومة لم تعترف بإحداث مثل هذا التغيير وأنها ينبغي عليها أن تمعن النظر بكل عناية فيما إذا كان يتوجب عليها تقديم اعتذار إلى اللجان.
وكانت الحكومة ترفض إصدار تراخيص تصدير أسلحة إذا ما وجد ما يحمل على الظن بأنها ستستخدم في "القمع الداخلي"، أما الآن، فسيتم رفض إصدار الرخصة فقط فيما لو كان هناك "خطر محقق" في أن المعدات العسكرية قد تستخدم فيما يمثل انتهاكاً للقانون الدولي.
من جانبه الوزير السابق بوزارة الخارجية بيتر هين، والذي أسس للمعايير المتشددة حول مبيعات السلاح، فطالب الحكومة بأن تظهر الشفافية بشأن التغيير ودعى لأن يسمح للبرلمان بالتصويت على الموضوع. وقال: " لقد تصرفت الحكومة الحالية كما تشاء إزاء القيود التي فرضناها على تصدر الأسلحة متجاوزة التشريع الذي أسسنا له من خلال التلاعب به. لقد مكنتهم من بيع الأسلحة إلى بلدان معينة ولأغراض لا ينبغي أن يسمح بها بموجب التشريع الذي ينص بوضوح على أن السلاح ينبغي أن يباع فقط إلى البلدان الأخرى لأغراض دفاعية وليس للقمع الداخلي أو العدوان الخارجي. من الواضح أن تم انتهاك القانون في حالة غزة خلال الصيف، كما تشكل البحرين نموذجاً آخر".
ووفقا للصحيفة فأن البيانات المأخوذة من وزارة التجارة والإبداع والمهارات تظهر بأن المملكة المتحدة منحت خلال الشهور الستة الأولى من عام 2014 رخص تصدير قيمتها 63,2 مليون جنيه استرليني لبيع الأسلحة لثمانية عشر قطراً من الأقطار الثمانية والعشرين الموجودة في قائمتها السوداء الرسمية، وهي الدول التي تعتبرها وزارة الخارجية البريطانية "مصدراً للقلق الشديد بشأن سجل حقوق الإنسان فيها"، من هذه الدول التي وافقت بريطانيا على تصدير المعدات الحربية إليها: إسرائيل، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وسريلانكا وروسيا.
وكانت المملكة العربية السعودية أكبر المستفيدين حيث صدرت لصالحها رخص تصدير تتجاوز قيمتها 20 مليون جنيه من المعدات الحربية، بما في ذلك القنابل اليدوية، وبنادق القناصة، وأسلحة الرؤية الليلية، وقطع للعربات القتالية. كما تم إقرار رخص تصدير أسلحة إلى سريلانكا بقيمة 8 مليون جنيه بما في ذلك بنادق وذخائر، وذلك رغم أن قوات الأمن في الجزيرة متهمة باغتصاب وتعذيب المعتقلين وثمة تقارير تفيد بإرهاب الصحفيين والنشطاء والمعارضين السياسيين وبممارسة ضغوط على القضاء وممارسة العنف الطائفي.
وأوضح أنه بنهاية يونيو منحت روسيا رخص تصدير معدات بقيمة 9,1مليون جنيه بما في ذلك الأسلحة الصغيرة والذخائر وبنادق القناصة، إلا أن بعضاً من هذه المعدات أوقف تصديرها مؤقتاً بسبب الأزمة الأكرانية.
ويقول أندرو سميت، وهو من حملة مناهضة تجارة السلاح: " تعترف الحكومة نفسها بأنها باعت ما تزيد قيمته عن 60 مليون جنيه من الأسلحة لعدد من الدول التي تعتبر الأكثر استبداداً والأكثر تمزقاً بسبب الحروب في العالم. مبيعات السلاح من هذا النوع لا تسهل فقط انتهاكات حقوق الإنسان وإنما تمنح أيضاً الدعم السياسي للأنظمة التي تمارس هذه الانتهاكات".
وأضاف "لا يستوي أن تتحدث الحكومة عن حقوق الإنسان والديمقراطية وفي نفس الوقت تروج لبيع السلاح إلى الأنظمة الاستبدادية مثل المملكة العربية السعودية".
وذكر التقرير أنه هذا العام سلطت الأضواء على عواقب دعم الحكومة الائتلافية لمبيعات السلاح البريطانية حينما استخدمت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع والمصنوعة في بريطانيا ضد المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية في هونغ كونغ.
وأشار إلى أنه تم التعرف من خلال مراجعة أشرف عليها وزير التجارة فينس كيبل على اثنتي عشرة رخصة لمعدات عسكرية كان من المحتمل أن تستخدم في قصف غزة، إلا أن الحكومة رفضت تعليق أي من الرخص ما لم يقع "استئناف لمواجهات كبيرة".
وأكد أنه يتبين من المعلومات الجديدة أن إدارة كيبل وافقت على تصدير معدات عسكرية إلى إسرائيل بقيمة 7 مليون جنيه في النصف الأول من العام تشتمل على صواريخ أرض جو.
ولفت إلى أن هناك بلدان أخرى ما تزال رسمياً ضمن قائمة "الدول المقلقة" ولكنها ماتزال أيضاً وجهة لصادرات السلاح البريطاني، ومنها البحرين التي زادت من مشترياتها من المعدات العسكرية البريطانية رغم تدهور أوضاع حقوق الإنسان فيها.
ونوّه أن مبيعات السلاح إلى مصر استؤنفت، وأقرت لصالحها رخص تصدير قيمتها 7ر2 مليون جنيه استرليني خلال الفترة التي شهدت اعتقال صحفيي الجزيرة. وفي عام 2014 اشترت دولة الإمارات العربية المتحدة ما قيمته 37 مليون جنيه استرليني من السلاح من المملكة المتحدة، بما في ذلك المدافع الرشاشة، والذخيرة ومعدات الرؤية الليلية. كما شجعت إدارة كيبل مؤخراً الشركات البريطانية الأمنية والدفاعية على المشاركة في معرض للمبيعات في الإمارات العربية المتحدة برعاية شرطة دبي المتهمة بممارسة التعذيب.
ويقول النشطاء إنه من المستبعد أن تنخفض صادرات السلاح البريطانية. وحينما سئل وزير الخارجية فيليب هاموند عن استخدام السلاح البريطاني في هونغ كونغ أجاب: "يتوفر غاز سي إس (المسيل للدموع) من عدد كبير من المصادر حول العالم. أظن أن هذه قضية غير مهمة، إذ بإمكانهم أن يشتروا غاز سي إس من الولايات المتحدة".
ويقول دافيد لواري، وهي مستشار مستقل في قضايا السياسة: "بالتأكيد، يتوجب على الوزراء الإقرار بأن ترجيح مصالح تجار السلاح الدوليين على الأمن الإقليمي ستكون له تداعيات بالغة الضرر"