في سابقة خطيرة على مستوى العالم، تنزع مليشيا غير شرعية معتدية ومتورطة في إرهاب المدنيين سلاح دولة شرعية وعضو في الأسرة الدولية. الحوثيون المتمرودن يسحبون سلاح الدولة اليمينة المفترض أن يدافع عن الشعب اليمني والسيادة والأرض اليمينة ويصادرونه إلى مناطق نفوذهم في صعدة. في القانون والعرف الدولي، فإن الدولة هي صاحبة الحق الوحيد في امتلاك السلاح واستخدامه، وهي الجهة الشرعية الوحيدة التي تتصرف كيفما تشاء وفق قواعد القانون الدولي بالسلاح.
في اليمن تسبق العربة الحصان، وتنقلب المعايير وبدل ان تنزع الدولة اليمينة سلاح الحوثيين بصفتهم مليشيا غير شرعية قامت بانقلاب عسكري ضد الدولة اليمينة ومظاهر سيادتها وشعبها، فإن العكس هو ما يحدث. قرارا الأمم المتحدة ومصالح الدول، هي التي تنص على نزع سلاح التنظيمات لا سلاح الدول، غير أن منطق القوة والأمر الواقع هو الشريعة السائدة في اليمن.
فقد تغير المشهد السياسي اليمني مؤخراً بشكل كبير بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء الأحد الماضي؛ فبدلاً من تسليم أسلحة الجماعات المسلحة التي من بينها جماعة الحوثي إلى الدولة بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل تحول المشهد بطريقة معاكسة إلى نزع سلاح الدولة من قبل الحوثيين.
وتشهد العاصمة اليمنية صنعاء غياباً تاماً لمظاهر الدولة والأجهزة الأمنية والعسكرية، في عموم الشوارع، مع توسع مساحات انتشار مسلحي جماعة الحوثي في المناطق الجنوبية لصنعاء.
وقال مراسل وكالة الأناضول إن مسلحي الحوثي لازالوا يسيطرون على المقار الأمنية والعسكرية والحكومية التي استولوا عليها، ولم يتم تسليمها للدولة بعد، فيما أفاد شهود عيان أنهم شاهدوا المسلحين الحوثيين على أبواب المؤسسات الحكومية التي سيطروا عليها.
وتوسع انتشار المسلحين في شوارع حدة والزبيري في الجهة الجنوبية للعاصمة صنعاء، ونصبوا نقاط تفتيش في عدد من التقاطعات في تلك الشوارع، وقطعوا بعض الطرق الفرعية في منطقة “حدة”، بحسب المراسل.
ولاحظ المراسل عددا كبيرا من السيارات وعلى متنها عشرات المسلحين من جماعة الحوثي وهي تجوب شوارع صنعاء، بالإضافة للسيارات المنتشرة في التقاطعات، وبالقرب من المؤسسات الحكومية والخاصة الكبيرة.
وخلال الأيام الماضية تعرض الجيش اليمني لأكبر عملية استيلاء على أسلحته من قبل جماعة الحوثي التي سيطرت على العاصمة صنعاء عقب اشتباكات عنيفة مع قوات في الجيش.
ووصف مراقبون عملية الاستيلاء على الأسلحة من قبل الحوثيين بأنها عبارة عن نزع لأسلحة الدولة اليمنية التي وقعت اتفاقاً مع جماعة الحوثي لإنهاء الأزمة بعد أسابيع من احتجاجات الحوثيين المطالبون بإسقاط الحكومة وإلغاء قرار رفع أسعار الوقود.
ووفقا لاحصائية حصلت عليها الأناضول فقد استولى الحوثيون خلال الأيام الماضية على 50 دبابة من اللواء الرابع التابع للجيش بصنعاء، و30 دبابة من مقر المنطقة العسكرية السادسة و15 دبابة من مقر التلفزيون، و25 مدرعة (بي تي آر) و20 مدرعة (بي ام بي) من مقر المنطقة العسكرية السادسة و7 (بي تي آر) و5 (بي ام بي) من مقر التلفزيون، بالإضافة إلى المئات من الأطقم العسكرية والمدافع والرشاشات والآلاف من الأسلحة الرشاشة، والآلاف من صناديق الذخائر.
وتعليقاً على عملية الاستيلاء التي نفذها الحوثيون على أسلحة تعود للجيش اليمني قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني المعرف نبيل سُبيع “لا تطالبوا الدولة بالبدء في نزع سلاح الحوثي، بل طالبوا الحوثي بالتوقف عن نزع سلاح الدولة”.
وأضاف في صفحته الشخصية على (فيسبوك) “احتفل الحوثيون بما قد تكون أكبر سرقة تعرض لها الجيش اليمني”.
وتحت وطأة اجتياح عسكري “حوثي” لصنعاء، وقع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قبل يومين، على اتفاق مع جماعة أنصار الله، المعروفة إعلاميا باسم “الحوثي”، بحضور مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، جمال بن عمر، ومندوبي الحوثيين، وبعض القوى السياسية اليمنية.
وكانت الناشطة اليمينة توكل كرمان قد أفادت في عدة تغريدات سابقة، أن الحوثيين ينزعون سلاح الدولة وأحصت نزع نحو 100 دبابة وعدد من الأسلحة الثقيلة الأخرى.