نقلت صحيفة "الاخبار" اللبنانية عن قيادي بارز في حركة (حماس) قوله أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من التحسّن في العلاقة بين حركته ومحور المقاومة، بعدما "أثبتت الحرب الأخيرة على غزة أن الدول التي وقفت ضدنا هي نفسها التي تقف ضد حزب الله".
وأكد القيادي أن "حماس" تجري "مراجعة لمواقف الدول التي ساندت إسرائيل في حربها علينا"، لافتاً إلى أن "محور الاعتدال الذي اتُّهمنا بالانضمام إليه موّل هذه الحرب". وأوضح أن هذه الدول هي "مصر والسعودية والإمارات. وفي القاهرة فاوضَنا المصري الذي كان حريصاً على المطالب الإسرائيلية أكثر من (رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو نفسه"!
وعما يتردّد بين وقت وآخر عن إخلاء الحركة مكاتبها في ضاحية بيروت الجنوبية، شدّد على عدم صحّة "هذه الخبرية"، مؤكّداً أنّ للحركة "بعض المكاتب خارج الضاحية لاستقبال الوفود الأجنبية التي ترفض الدخول إليها لأسباب أمنية. لكن ثقلنا وأماكن إقامتنا لا تزال في الضاحية". وأوضح: "خلال موجة التفجيرات التي استهدفت المنطقة، عُرض علينا نقل مكاتبنا إلى بيروت، لكننا رفضنا ذلك". وأشار إلى أنه بعد وقوع أكثر من عملية انتحارية في الشارع الذي تقع فيه مكاتب الحركة، "أجبرنا على تغييرها واستقبال ضيوفنا في أماكن بعيدة عن تلك المناطق. وهذه الإجراءات جرت بعد نصائح وتنسيق مع مسؤولي الأمن في حزب الله الذين استأجروا مكاتب وبيوتاً آمنة لقيادات الحزب والحركة على حد سواء".
وأكّد القيادي أن "العلاقة بين المقاومتين اللبنانية والفلسطينية أصبحت، بعد الحرب الأخيرة على غزة، أفضل مما كانت عليه في السنوات الماضية". وأوضح أن "الاتصالات بيننا وبين حزب الله لم تنقطع خلال الحرب، وكانوا يستفسرون عن سير المعركة لحظة بلحظة". كذلك إن اتصال الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله برئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل خلال الحرب، وتأكيده دعم الحزب للمقاومة الفلسطينية، أعاد تأكيد حلفنا ومصيرنا المشترك". وثمّن "خطوة حزب الله بتخصيص تبرعات من مقاتليه وقياداته أخيراً لنا، ما يعني أن الحساسية التي كانت ضدنا خفتت".
ويذكر أن هذا الاتصال كان الأول بين الرجلين منذ خروج "حماس" من سوريا أواخر سنة 2011 بسبب موقف الحركة من الأزمة السورية، ما أدى إلى قطع علاقتها بدمشق، وإلى اتسام علاقتها بحزب الله ببرودة شديدة.
هل يعني ذلك عودة "حماس" بعد العدوان الأخير على غزة جزءاً من محور المقاومة؟ يجيب القيادي بأن "حماس لم تتخلَّ عن المقاومة، واتهامنا بالخروج من هذا المحور وتخلينا عنه غير صحيح. بالتأكيد ستكون لهذا العدوان انعكاساته الإيجابية على المقاومة في لبنان وفلسطين، إذ أعاد التأكيد أن فلسطين هي البوصلة الصحيحة، وأن العدو الحقيقي هناك".
وعن اتهام "حماس" بالانضمام إلى المحور التركي ــــ القطري، يجري الرجل مراجعة لمواقف هاتين الدولتين الإيجابية من الحروب الإسرائيلية على غزة في السنوات الماضية. وفي ما يتعلّق بإقامة مشعل في قطر، وتأثير ذلك في الأداء السياسي للحركة، لفت إلى أن"عدداً من الدول العربية رفضت استقبال أبو الوليد، مثل السودان والجزائر ومصر والأردن"، مؤكداً أن"مجيء أبو الوليد إلى بيروت مستبعد بسبب الانقسام السياسي اللبناني حول المقاومة، ولأن الساحة اللبنانية لن تتحمل إقامة رئيس المكتب السياسي للحركة فيها".
من جهتها تؤكد مصادر قيادية في حزب الله أن التواصل لم ينقطع يوماً مع"حماس". وفي الأسابيع الأخيرة للعدوان التقى وفد من الحزب بمسؤولي الحركة في بيروت، وسلمهم مبلغاً مالياً تبرعت به قيادات وعناصر الحزب لـ"كتائب القسام".
وقالت إن "الخلاف مع حماس حول الموضوع السوري لم يؤثر في علاقتنا كمقاومة، إذ إن التنسيق لا يزال قائماً بين الجسدين العسكريين".
يذكر أن التبرعات المالية التي جمعها حزب الله وزعت على كل من "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، إلا أن حصة الأسد منها كانت لـ"حماس" بسبب "وزنها الكبير على الأرض".
وعن احتمال انتقال مشعل إلى بيروت، تجيب المصادر بأن "ذلك مستبعد في الفترة المقبلة. لكن إذا قرر أبو الوليد ذلك، فأهلاً وسهلاً به". أضاف: "إن أراد ترك قطر، فهناك العديد من العواصم التي تستضيفه، منها بيروت ودمشق وبغداد، وصولاً إلى طهران. ما عليه سوى قول ذلك".