تناول المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، الجمعة (5|9)، الفجوة القائمة بين تقديرات الاستخبارات العسكرية (أمان) وبين تقديرات "الشاباك" بشأن مخططات حركة حماس قبل اندلاع الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
ويتمحور الخلاف بين الهيئات الاستخبارية الإسرائيلية بشأن الحرب حول السؤال بشأن ما خططت له حركة حماس قبل بدء المواجهات العسكرية، وما إذا كان نشوب الحرب قد نجم عن خطوة محسوبة من قبل حماس، أم أن ما حصل كان نتيجة غير محسوبة.
ويدعي الشاباك أن خطوات حركة حماس كانت مدروسة، كهجوم مخطط قاده الجناح العسكري كتائب القسام، في حين تقول الاستخبارات العسكرية إن ما حصل هو نتيجة "دينامية التصعيد" والذي كانت تتوقع القيادة في غزة أن يتوقف، ولم تتوقع نتائجه.
وبحسب المحلل العسكري فإن الخلافات الاستخبارية، والتي أدت إلى توترات شخصية بين كبار المسؤولين في الجهازين، تتصل بثلاثة مجالات مركزية؛ الأول نوعية المعلومات الاستخبارية التي كانت لدى إسرائيل بشأن المشروع الضخم لحركة حماس في مجال الأنفاق الهجومية، والثاني تحليل نوايا حركة حماس في الخروج للحرب، والثالث التقديرات بشأن مدى تصميم حماس على مواصلة القتال مدة 50 يوما.
ويضيف أنه عندما دخلت القوات البرية إلى قطاع غزة، تبينت الفجوات في العتاد والتدريب والعقيدة القتالية لمعالجة الأنفاق. فاضطر الجيش إلى الاستعانة بشركات مدنية، وتدمير الأنفاق بطرق مرتجلة، ومن هنا كانت التوقعات التى جرى تفنيدها لوزير الأمن بشأن الحاجة إلى يومين أو ثلاثة أيام لتدمير الأنفاق، بينما استغرق ذلك عمليات أسبوعين ونصف.
إلى ذلك، وفي سياق ذي صلة، يشير الكاتب إلى أن النقاشات في داخل الهيئات الاستخبارية الإسرائيلية وصلت إلى مواضيع مفاجئة، منها عن دور محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام، حيث يصفه بالشاباك بأنه الرجل الذي يقرر كل شيء، وأنه كان على تنسيق تام مع قادة الجناح السياسي، خالد مشعل في قطر، وإسماعيل هنية في غزة، وأن القرارات كانت تؤخذ بشكل مشترك، كما أن هنية كان على اطلاع على عمليات الجناح العسكري.
في المقابل، تصف الاستخبارات العسكرية (أمان) مشروع حفر الأنفاق على أنه تطور، وليس بالضرورة نتيجة إستراتيجية متقدمة. كما تقلل "أمان" من أهمية محمد الضيف، وأن هنية ومشعل لم يكونا معنيين بصدام واسع، وأن حركة حماس ظلت حتى لحظة الإعلان عن "الحملة العسكرية الجرف الصامد" تعتقد أن الحديث عن "جولة عنف" محدود.
أما بشأن مواقف حركة حماس أثناء القتال، فيقول الكاتب إن المجلس الوزاري الإسرائيلي اجتمع المرة تلو المرة لمناقشة اقتراحات مصرية لوقف إطلاق النار، والتي وافقت على غالبيتها، بينما كانت حماس تجدد إطلاق النار، الأمر الذي دفع الوزراء في المجلس الوزاري إلى الاعتقاد بأن الأجهزة الاستخبارية تبالغ في تقييم الأضرار التي تلقتها حماس، وتقلل من مدى تصميم الحركة على القتال.
ويضيف أن الوزراء في المجلس الوزاري كانوا يفاجأون في كل مرة من طول أمد القتال، حيث أن المقاومة في قطاع غزة صمدت أكثر بـ 16 يوما مقارنة مع حزب الله في لبنان. وأشار في هذا السياق إلى تصريح ضابط كبير في الاستخبارات العسكرية للصحافين، جاء فيه "لقد فوجئنا من أمر واحد، إذا لم نتوقع أن يستمر القتال 50 يوما".
وفي نهاية المقال، يقول هرئيل إن الخلافات بين "أمان" و"الشاباك" ليست أمرا جديدا. فمع اندلاع الانتفاضة الثانية كانت الاستخبارات العسكرية (أمان) تقول إن "عرفات يخطط لمؤامرة كبيرة"، بينما كان يقول الشاباك إن الانتفاضة اندلعت بشكل عفوي.
ويصل الكاتب إلى ما مفاده أن تحليل الحرب يشير إلى صعوبة في تحليل نوايا حماس قبل الحرب وعدم تقدير مدى تصميم الحركة على القتال، وذلك في ساحة (الإشارة إلى قطاع غزة) تقع تحت يد الاستخبارات الإسرائيلية، وعلى بعد كيلومترات معدودة عن الحدود، ومقابل عدو ضعيف نسبيا، يثير علامات استفهام بشأن قدرة الاستخبارات على إدراك ما يحصل بالضبط في مواقع بعيدة، مثل البرنامج النووي الإيراني، وهجوم "تنظيم الدولة الإسلامية - داعش" في العراق وسورية.