قال الباحث شادي حميد، الزميل المسؤول في معهد بروكينغز للأبحاث، في مقابلة مع شبكة CNN الأمريكية إن القادة العرب، وخاصة الطغاة منهم، لا يخشون من تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وإنما مما وصفه بـ"الإسلام الوسطي".
وأشار حميد إلى أن القمع الذي تعرضت له جماعة الإخوان المسلمين التي اعتبرها من تشكيلات "الإسلام الوسطي" سهلت لداعش مهمة تسويق نفسه.
وقال مؤلف كتاب "إغواء السلطة: الإسلاميون والديمقراطية غير الليبرالية بالشرق الأوسط الجديد" إن "القادة العرب لا يخافون من داعش والقاعدة، بل من الإسلاميين الوسطيين، ولذلك يُحبون إظهار الأمور وكأن البديل الوحيد المتاح عن وجودهم هو سيطرة القاعدة والتنظيمات المتشددة."
وأضاف حميد: "التنظيمات المشابهة لداعش مثالية بالنسبة لطاغية مثل بشار الأسد، الذي يمكنه الإشارة نحوهم والقول: هذا ما ستحصلون عليه نتيجة السماح بحصول تغييرات سياسية."
ورأى أن أخطر ما حصل خلال السنوات الثلاث الماضية هو تجربة الإخوان المسلمين السياسية شارحا بالقول: "كان هناك تنظيمات سياسية إسلامية وسطية مثل الإخوان المسلمين، وهي جماعة محافظة بشدة وليست ليبرالية ونحن في الولايات المتحدة لا نشترك معها بالقيم نفسها ولكن تؤمن بالعملية الديمقراطية ولا تستخدم العنف مثل داعش وتحاول العمل من داخل الإطار السياسي، كما حصل في مصر".
وأضاف حميد أن هذه الجماعة في مصر "تعرضت لانقلاب عسكري وقمع دموي، ما سمح لتنظيمات مثل داعش بالقول للمسلمين إن عليهم نسيان المقاربة السياسية التي اتبعها الإخوان لأنها ناعمة غير مجدية، ولا يمكنها تحقيق هدف قيام الدولة الإسلامية لا في عقدين ولا في خمسة بينما يمكن للتنظيم فرض حكم الدولة الإسلامية حالا عبر استخدام العنف الشديد"، وأشار إلى أن أكثر ما يقلق اليوم "هو أن دعوات العنف تتصاعد في الشرق الأوسط، وهذا الأمر هو من بين تداعيات الربيع العربي".
وفي السياق يمكن الإشارة إلى بعض التفسيرات التي تؤكد ما ذهب إليه الباحث، فنظام الأسد كان بحاجة إلى حركة مسلحة تلجأ للعنف وعسكرة الثورة ليبرر إرهابه وقمعه للثورة السورية باستخدام قواته العسكرية، كون الجيوش لا تستطيع تسويق قمعها لشعب أعزل، لذلك تلجأ بعض الأنظمة "لتخليق" جماعات كهذه أو تغض الطرف عن وجودها لتنخرط في أعمال عنف ضد هذا النظام أو ذاك ليخرجه من حرج مواجهة متظاهرين سلميين، كون مواجهة الجماعات المسلحة أقل تكلفة أمنية وعسكرية على أنظمة لأن هذه المواجهة تسمح لها ب"اللعب في مربعها المفضل"، بينما الثورات الشعبية ليس هو الخيار الأفضل، بل وتكلفته أعلى بكثير على هذه الأنظمة. وهنا، يشير مراقبون، أين هو النظام السياسي الذي تم تغييره في العالم أو المنطقة من خلال عمل عسكري، في حين يشيرون إلى تمكن الثورات الشعبية السلمية من إسقاط أنظمة عاتية في العالم و المنطقة لم يكن متوقعا أن تسقط بهذه السرعة والبساطة، كنظام زين العابدين بن علي، وحسني مبارك، وشاه إيران وغيرهم، بينما الذين اضطروا لحمل السلاح كانت تكلفة التغيير باهظة جدا وبتدخل خارجي كما هو الحال في ليبيا أو تعثر التغيير كما هو الحال في سوريا. لأجل ذلك، تفضل أنظمة داعش على الإسلام المعتدل المدني السلمي.
في حين تذهب تفسيرات أخرى، إلى اعتبار أن ولادة داعش وتطرفها غير المسبوق إنما هو ردة فعل على الثورات المضادة على ثورات الشعوب السلمية التي استطاعت أن تحقق التغيير، ولكن وحشية الدولة العميقة وانتقامها من الحراك الثوري وإغلاق طرق التغيير الطبيعية والسلمية كان سببا رئيسا في ظهور هذه الحركات الإرهابية، ومع ذلك فلا تزال الأنظمة تفضل هذه النوعية من الجماعات المسلحة كما يرى "حميد".