زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإمارات العربية منتصف الشهر الجاري بصحبة وفدٍ من الوزراء الروس، وممثلي القطاع التجاري ومسؤولين رسميين.
و تعد رحلة بوتين إلى الإمارات، وهي الرحلة الأولى من نوعها منذ عام 2007، مهمةً وذلك بسبب اتساع الروابط بين الإمارات وروسيا بشكل سريع في السنوات الأخيرة، وهو ما ظهر في مجالات عديدة مثل الاستثمار والتجارة والثقاف والفضاء والسياحة والأمن.
وكانت اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي وقعها البلدان في يونيو 2018 نقطة فاصلة في العلاقات الثنائية، وشددت على مدى تقدير موسكو وأبوظبي لعلاقتهما الآخذة في التعمق. والآن بدأ البلاد يأخذان شراكتهما إلى مرحلة جديدة، كما يقول موقع "لوبي لوغ" الأمريكي.
وحين كان الرئيس الروسي والوفد المرافق له في أبوظبي، عقد محادثات مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، الذي استقبل بوتين في المطار فور وصوله من السعودية. وتعهد بوتين أثناء حديثه إلى المسؤولين الإماراتيين بأن «أملهم لن يخيب» بصفقات الاستثمار التي تقدر قيمتها بـ 1.3 مليار دولار والتي وقعتها الإمارات وروسيا أثناء الزيارة.
وبالنسبة لروسيا، لا تحمل أي دولة من دول مجلس التعاون الخليجي نفس الأهمية التي تحملها الإمارات. وقد تبينت أسباب ذلك في حديث بوتين إلى وسائل الإعلام الإماراتية حين قال: «من بين كافة دول الخليج، لدينا أعلى مستويات للتجارة مع الإمارات تقدر بـ 1.7 مليار دولار، وإن كان هذا بالطبع غير كافٍ. ندرك هذا جيداً ونعمل مع الصندوق السيادي الإماراتي (مبادلة) حيث تقدر قيمة المنصة المشتركة بما يقرب من 7 مليارات دولار».
وبطبيعة الحال، ترتبط الإمارات وروسيا بعلاقة اقتصادية مستمرة منذ زمن طويل، وقد وثقت وسائل إعلام إقليمية هذه العلاقات، إذ بنت الإمارات وروسيا علاقة اقتصادية متينة. وتتكون الصادرات الروسية إلى الإمارات في المقام الأول من بضائع مثل الأحجار والمعادن النفيسة، والصلب والمنتجات المعدنية الحديدية، والماكينات، والمعدات، والمركبات، والمواد الكيماوية والطعام والخشب والورق والكرتون.
ومنذ منتصف بدايات القرن الحادي والعشرين، بدأت الشركات الخاصة والشركات الحكومية العملاقة في الدخول في أعمال تجارية في الإمارات والمنافسة للفوز ببعض من أكبر مشروعات الإمارات.
وبالنسبة لروسيا، تمثل الإمارات وجهة أعمال تجارية جذابة لإفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط.. كما تستثمر الإمارات في الغاز والبترول والعقارات والبنية التحتية واللوجستيات الروسية وتسعى إلى تعزيز حضورها في قطاع إنتاج الغذاء الروسي.
بالإضافة إلى ذلك، تشترك الدولتان في استخلاص الموارد الطبيعية وبدأتا في الظهور كمراكز تجارية للألماس.
ثمة روابط دينية وثقافية تربط روسيا والإمارات أيضاً. على سبيبل المثال، يتضح من الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية التي تتسع 20000 شخص والتي جرى بناؤها في الشارقة الاحترام المتبادل بين روسيا والإمارات للجذور الدينية في كل منهما.
وفي هذا الصدد، ثمة منظور داخل الإمارات، عبر عنه سفير أبوظبي السابق إلى موسكو عمر غباش، مفاده أن «روسيا حضارة مسيحية عظيمة».
وكان مؤتمر غروزني الذي عقد عام 2016 حدثاً مهماً من حيث الجهود الإماراتية الروسية لتقديم رؤى حول «مستقبل الإسلام تقوم على رفض تفسيرات الدين التي تعتبرها حكومتا البلدين متطرفة» في ظل تنافس جيوسياسي بين القوى السنية» كما تذكر كريستين سميث ديوان.
كما ظهر التبادل الإماراتي الروسي في الفنون والموسيقى والرقص، باعتبارها جوانب تتزايد أهميتها في الشؤون الثنائية. وقد كتب تيودور كاراسيك مؤخراً أن «بعض من أفضل التقاليد الفنية والموسيقية الروسية باتت جزءاً من المشهد الفني في الإمارات»، مضيفاً أن «زخم الممر بين روسيا والإمارات يمثل جسراً بين حضارتين ويؤسس لنموذج جديد للعلاقات بين روسيا والشرق الأوسط».