أحدث الأخبار
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد
  • 06:39 . معركة النفوذ في حضرموت.. سباق محتدم بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:22 . روائية أمريكية بارزة تقاطع "مهرجان طيران الإمارات للآداب" بسبب الحرب في السودان... المزيد
  • 05:07 . جيش الاحتلال يعلن مقتل زعيم المليشيات في غزة "ياسر أبو شباب" على يد مجهولين... المزيد
  • 11:35 . "المعاشات" تصفّر 8 خدمات رئيسية ضمن مبادرة تقليل البيروقراطية الحكومية... المزيد
  • 11:31 . "الأبيض" يخسر أمام الأردن 1–2 في افتتاح مشواره بكأس العرب... المزيد
  • 11:30 . سلطنة عُمان تنجح في إعادة طاقم سفينة "إتيرنيتي سي" من اليمن... المزيد
  • 10:12 . الإمارات تعلن تخصيص 15 مليون دولار للاستجابة للأزمة في السودان... المزيد
  • 06:56 . العفو الدولية تحث على منع أبوظبي من تسليح الدعم السريع... المزيد
  • 06:07 . اليمن.. قوات موالية لأبوظبي تسيطر على عاصمة وادي حضرموت ووفد سعودي يصل لاحتواء التوتر... المزيد
  • 11:58 . مفتي عُمان: العدوان على غزة يتصاعد رغم الاتفاق وندعو لتحرك دولي عاجل... المزيد

استباحة ثروات الآخرين … دروس وعبر

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 01-02-2019

استباحة ثروات الآخرين … دروس وعبر | القدس العربي

ما يحدث في فنزويلا شأن يخص بالطبع الشعب الفنزولي، الذي يواجه شتى المؤامرات الداخلية والخارجية، القريبة والبعيدة. لكن ما يهمنا ، نحن العرب ، هي الظاهرة الفنزويلية، لنتعلم منها ونعي عِبرها. دعنا نركز على بعض من مكونات وتداخلات تلك الظاهرة التي نعتقد أن بعض تفاصيلها تشير إلى الدروس والعبر الواجب استيعابها.
أولا: ملكت فنزويلا عبر قرن كامل مخزونا بتروليا هائلا، يماثل مخزون المملكة العربية السعودية، وهناك من يقول بأنه يزيد عن ذلك. بهذه الثروة كان بإمكان فنزويلا أن تؤسس لبنية تحتية حديثة كفؤة، واقتصادا إنتاجيا غير ريعي، بما في ذلك إنتاج زراعي وافر، من أرض حباها الله بالمياه والتربة الخصبة، وتقدم لمجمل شعبها خدمات اجتماعية معقولة، لمواجهة الفقر والتهميش والجهل. لكن النخبة السياسية الفنزويلية تعثرت، بأشكال مختلفة، ولأسباب متنوعة، في بناء نظام سياسي ديمقراطي مستقر يجمع بين الروح الثورية والفكر اليساري التقدمي من جهة، ومتطلبات الواقع المعقد الصعب داخل فنزويلا وحول محيطها المليء بالمؤامرات الاستعمارية والرأسمالية الجشعة من جهة أخرى.
الدرس الذي يجب أن تتعلمه دول الغنى البترولي والغازي الفاحش في بلاد العرب، هو أن الثروة الريعية، التي لا يصاحبها فكر سياسي ديمقراطي عادل، ومؤسسات حكم تمثل جميع شرائح المجتمع، وتوزيع للثروة يأخذ بعين الاعتبار مطالب ومصالح مكونات ذلك المجتمع، واستعمال جزء كبير من تلك الثروة لترسيخ اقتصاد إنتاجي ومتطلبات تنمية إنسانية مستدامة، فان تلك الثروة ستكون مطمعا لكل من هب ودب من قوى استعمارية كالولايات المتحدة، ومن مؤسسات رأسمالية أنانية تعيش على استباحة ثروات الآخرين. وستجد في الداخل من يعين الخارج على تلك الاستباحة.
تلك الصورة المأساوية ، من عدم الاستعداد السياسي والاقتصادي المسبق، هي التي تعيشها فنزويلا الآن، وهي الصورة نفسها التي تنتظر دول البترول والغاز العربية، إن لم تستعد سياسيا واقتصاديا وتخرج مجتمعاتها من غواية الحياة الريعية التي سيمتحنها الزمن، ثم يعقبها العقاب المؤلم.
ثانيا: ليس غريبا على مؤسسة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية أن تمارس كولونيالية ابتزازية سافرة في فنزويلا، من خلال تجييش عملائها في الداخل والخارج، واستنفار مخابراتها والدول السائرة في فلكها، والتهديد باستعمال القوة ضد حكم شرعي منتخب، بدون مراعاة للأعراف والقوانين الدولية. فتاريخ أمريكا هو قصة طويلة من تدخلات واعتداءات على بلدان ومؤسسات وتصفية لأشخاص اعتبرتهم أمريكا معادين لها. إنها قصة تحتاج لمجلدات لتوضيح ملابساتها وسرد مآسيها العمرانية والبشرية، وسنكتفي بذكر بعض من عناوين فصولها.
تاريخ القصة الأمريكية بدأ بالتخلص من ثمانين في المئة من سكان القارة الشمالية الأصليين، الهنود الحمر، سواء بالذبح أو بنشر الأمراض، مرورا باستعباد أربعة ملايين من الأفارقة وتسخيرهم لخدمة كبار ملاكي المزارع البيض، مرورا بموجات غزو من أقصى الشرق الأمريكي إلى أقصى غربه، للاستيلاء على ثروات الأرض وساكنيها، واقتطاعا لأرض بنما من كولومبيا، حتى تبقى قناة بنما تحت سيطرة أمريكا ومداخيلها نهبا لشركاتها، والاستيلاء على الفلبين كمستعمرة أمريكية مستغلة.

وما أن حل القرن العشرين حتى زاد جنون الاستحواذ بشكل مريع: استعمال سلاح القنابل الذرية في قتل ربع مليون ياباني وتشويه مئات الألوف، الاعتراف بالكيان الصهيوني في فلسطين العربية بعد بضع دقائق من قيامه ودعمه بالمال والسلاح والنفوذ حتى يومنا هذا، تدبير انقلاب على رئيس وزراء إيران محمد مصدق، عقابا له على وقوفه في وجه شركات البترول الجشعة، تخطيط ودعم انقلابات تآمرية على حكومات شرعية في تشيلي ونيكاراغوا وإندونيسيا، خوض وقيادة حروب مدمرة للعمران والبشر في كوريا وفيتنام وكمبوديا، تآمر على حركة قومية عربية تقدمية لمنع قيام أي وحدة عربية من أي نوع كان، تلفيق كذبة كبرى حقيرة من أجل استباحة العراق ونهب ثرواته، تدخل وتآمر وتلاعب بأشكال لا تعد ولا تحصى في المشهد السوري، وأخيرا ابتزاز تهديدي لسرقة ما يمكن سرقته من أموال دول البترول الخليجية.
كان لابد من ذكر كل ذلك، وهو قليل من كثير، لتتضح الصورة تماما، ويقتنع الجميع بأن ما تفعله أمريكا في فنزويلا هو تتمة لسلسلة طويلة من تدخلات واستحواذات.
هل ستعي النخب السياسية العربية، في الحكم وفي المجتمع، أن الأيادي التي تمدها للولايات المتحدة الأمريكية، ومشاعر الصداقة والثقة التي تملأ الدنيا بالإعلان عنها، وتخطيط المستقبل العربي بمعيتها وحمايتها ووعودها، قابلة للانقلاب عليها من قبل نظام الحكم في واشنطن؟ هل ذاك التاريخ يوحي بالاطمئنان تجاه أي وعود يقدمها أرتال من السياسيين الأمريكيين وهم يجوبون أرض بلاد العرب من أقصى مغربها إلى أقصى مشرقها؟ نحن نشير إلى ذلك، خصوصا مع وجود قيادة حالية نرجسية غير متوازنة وجاهلة بكل أصول العمل السياسي.
إن الانقسام المجتمعي المؤسف في فنزويلا هو المدخل الذي تدخل من خلاله أمريكا لتقضي على طموحات وآمال شعبها، لتعيد ذلك البلد إلى حظيرة الاستباحة والاستغلال. فهل سيتعلم القادة العرب الدرس ويعرفون أن انقساماتهم العبثية الكثيرة هي مدخل دائم للتدخلات الغربية وغير الغربية في شؤونهم؟ درسان واضحان تقدمهما الأحداث في فنزويلا، وهما جديران بالتأمل والاستفادة من عبرهما.