“سيقولون بعد زمن طويل: هنا كانوا، هنا عملوا، هنا أنجزوا، هنا ولدوا، وهنا تربوا. هنا أحبوا، وأحبهم الناس”.
جاء كتاب “قصتي” لرئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، مجسدًا لتلك العبارة الافتتاحية، التي أراد من خلالها تلخيص سيرته الذاتية الشاهدة على إنجاز عظيم في زمن وجيز، وعلى دولة صغيرة فاقت بقدراتها دولًا كبرى أقدم منها وأعرق.
وما يميز كتاب بن راشد “قصتي” الذي صدر في ديسمبر 2018، عن سير العظماء والملوك، أنها سيرة إنسان، بكل تفاصيلها، بعيني طفل وفتى ورجل، لم يرد صاحبها التباهي أو الافتخار بنفسه وإنجازاته، بقدر ما أراد أن يعلم كل قارئ لسيرته، معنى الحياة وأين تكمن قيمها؟.
يربط الشيخ محمد، – مع مطلع الكتاب – بين القمة التي يقف عليها الآن، وتقف عليها دبي، وبين ذاك الطفل الصغير والشغوف باكتشاف العالم من حوله، ذاك الطفل القابع بين الجدران الطينية في منزل جده الشيخ سعيد.
مواقف شجاعة
ومن فتى إلى رجل إلى حاكم مسؤول، يسرد الشيخ محمد كيف تولى مقاليد الحكم، رغم أنه رفض ولاية العهد لأربع مرات، خشية ألّا يجد من يتفهم رؤيته التطويرية، قبل أن يمسك بزمام الحكم في إمارة دبي العام 2006، خلفًا لشقيقه الراحل الشيخ مكتوم.
ويحكي الشيخ محمد بفخر، كيف كان فتىً مقدامًا ورجلًا لا يهاب، وكيف أنه واجه بنفسه انقلابًا في إمارة الشارقة، بعد أقل من شهرين من إعلان اتحاد الإمارات، وتمكن من إحباطه، وقد استخدم فيه دهاءه رغم غياب القوة آنذاك، إلى درجة أن مؤسس دولة الإمارات ورئيسها الراحل الشيخ زايد والذي طلب منه التكفل بمسألة الانقلاب، التقاه بعد إنهاء الانقلاب في سيارته، وأعطاه تمرات وفنجان قهوة، وقد وصف الشيخ محمد ذلك الموقف: “أعطاني بيده تمرات ثم فنجان قهوة، وكأنه يقول لي: أنت.. أنت يا محمد”.
ويكشف حاكم دبي في سيرته “قصتي” تعامله مع حادثين إرهابيين على الأقل لاختطاف طائرتين، وكيف أنه تولى بنفسه التحدث إلى الإرهابيين وطوال ساعات؛ لإقناعهم بضرورة الاستسلام.