أصرت وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم على أن يكون الأحد (28|8)، انطلاقة العام الدراسي الجديد 2016-2017، وأن يتوجه مليون و36 ألف طالب في جميع أنحاء الدولة إلى مدارسهم. الأسبوع الأول من الدراسة، كشف عن تطورات وقرارات عديدة في مجال التعليم في الدولة، ما قد يُسفر عن وجه آخر ليس للتعليم فحسب، وإنما للجيل الإماراتي القادم. فما هي أبرز ملامح خطط التعليم ومشكلاته لهذا العام؟
مشكلات الانتظام.. تأخير الكتب وأسعار القرطاسية
قطع طلاب الدولة وأولياء أمورهم إجازاتهم الصيفية والتي كان من المفترض أن تمتد لإجازة عيد الأضحى كما هو التقويم الدراسي في معظم الدول العربية والإسلامية، من أجل العودة للمدارس. واستبقت مؤسسات التعليم في الدولة بداية الدراسة، بحملة من "التحذيرات" المشددة للطلاب وذويهم في حال تغيبوا عن الدوام. ومع ذلك، فقد تفاوتت أرقام الحضور ونسبها بين مختلف إمارات الدولة ومدارسها بصورة كشفت عن تضارب في معلومات المؤسسات الحكومية.
فصحيفة "الإمارات اليوم" أكدت أن نسبة غياب الطلبة في كثير من مدارس الدولة وصلت إلى 60%، فيما وصلت في بعضها إلى 25%. أما صحيفة "الاتحاد" الصادرة في أبوظبي فقد غيرت إفادتها من مساء اليوم الأول للدوام من 50% نسبة الحضور، إلى "حضور مرض" صباح اليوم التالي لانطلاقة المدارس، ما يشير إلى عدم اليقين من نجاح أول مؤشرات الانطلاقة.
تأخير الكتب
ولم يكن عدم الانتظام، هو الإشكالية الوحيدة التي واجهت العام الدراسي الجديد، وإنما تأخر جميع الكتب الدراسية في جميع مدارس الدولة باستثناء مادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية، وفق تقارير ومتابعات ميدانية للصحف المحلية و"الإمارات71" في بعض إمارات الدولة ومدارسها.
وأكد أولياء أمور في الشارقة ودبي وأبوظبي والفجيرة ورأس الخيمة عدم تسلم أبنائهم الكتب الدراسية، فيما حاولت الوزارة ومجلس أبوظبي للتعليم التخفيف من وقع "إخفاق" المؤشر الثاني على الطلاب، بإعلانها أن الكتب المدرسية متوفرة إلكترونيا على موقع الوزارة، فيما لم تكشف عن مصير الطلاب الذين يدرسون في مدارس لا تعتمد المنهاج الإماراتي.
ارتفاع أسعار القرطاسية
كانت القرطاسية، المؤشر الثالث الذي سبب إشكالية أمام انطلاقة العام الدراسي، إذ ارتفعت الأسعار بصورة كبيرة جدا، وصلت فيها ارتفاع ثمن الحقائب المدرسية إلى 100% بحسب تغطية صحيفة "الاتحاد" و "الإمارات اليوم" واللتين نقلتا تذمرات وشكاوى عدد كبير من أولياء أمور الطلاب حول ارتفاع القرطاسية بأنواعها كافة؛ الأمر الذي دفع وزارة الاقتصاد لتحذير تجار التجزئة والجهات المعنية جراء رفع الأسعار. ومع ذلك، يؤكد مواطنون ومقيمون أن الأسعار لا تزال مرتفعة، وتحذير الوزارة لم يردع رفع الأسعار.
ارتفاع تكلفة التعليم في الدولة
يعتبر ارتفاع تكلفة التعليم في الدولة إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه أولياء الأمور إماراتيين أو مقيمين، خاصة بعد توجهات حكومة أبوظبي بمراجعة "بدل تعليم" لاثنين من أبناء الموظفين في القطاع العام. ويواجه مقيمون صعوبات مالية جمة في توفير تكلفة التعليم.
في (23|8) قال الكاتب الإماراتي سالم سالمين النعيمي في مقال له في "الاتحاد"، بعنوان "المدارس الخاصة والتكلفة الباهظة"، "تبلغ تكاليف بعض المدارس الخاصة في الدولة أكثر من 120 ألف درهم في السنة الدراسية الواحدة وأكثر من 90 ألف درهم سنوياً لمرحلة رياض الأطفال الأولى في بعض المدارس، بينما تكلفة الدراسة للسنة الواحدة في جامعة كامبريج الشهيرة والتي تخرج منها جهابذة العالم لا يتعدى 83 ألف درهم! فتصور أن رسوم بعض رياض الأطفال تعد أغلى من بعض أعظم الجامعات في العالم والرسوم المدرسية في بعض المدارس الخاصة في الدولة تأتي في المرتبة الرابعة على مستوى العالم"، على حد تأكيده.
المناهج والخطط الدراسية
اطلع الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة، على "خطة التطوير الشاملة التي ستطلقها وزارة التربية والتعليم هذا العام وتستهدف تغييرات كبيرة في المناهج والمهارات الطلابية والمواد الدراسية والمسارات التعليمية للطلاب"،
وتشمل التغييرات، مناهج جديدة للطلاب في التكنولوجيا والتصميم الابتكاري والعلوم الصحية والإرشاد الوظيفي ومهارات الحياة وإدارة الأعمال. ويشمل التغيير أيضا مسارات للتعليم العام والمتقدم بدلا من مسارات الأدبي والعلمي بالإضافة لمسار خاص للنوابغ من الطلبة تحت مسمى مسار العلوم المتقدمة "النخبة".
أما "التغيير" الذي حظي بتساؤلات ملحة من جانب الإماراتيين، فقد كان: إدماج مواد التاريخ والجغرافيا والاقتصاد وعلم الاجتماع في مادة واحدة تحت اسم "الدراسات الاجتماعية والتربية الوطنية".
رئيس تحرير صحيفة "الاتحاد" محمد الحمادي، كشف عن فحوى هذا التغيير الذي اختزل تاريخ وجغرافيا الدولة واقتصادها وعلم الاجتماع، قائلا: "فكتاب النشاط لمادة الدراسات الاجتماعية والتربية الوطنية للصف الثاني عشر، هو الكتاب القيم والمتميز للدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" بحسب الحمادي.
والمطلع على الكتاب المذكور (كتاب السراب) والمضامين التحريضية الواردة فيه ضد مكونات رئيسية في الأمة من السلفيين والإسلام الوسطي يدرك أن هناك محاولة إقصاء من جهة، ومحاولة تمييز وعدم تسامح من جهة ثانية، قياسا على المرسوم بقانون رقم (2) لسنة 2015 بشأن مكافحة الكراهية والتمييز ضد الجماعات والأفراد لأي سبب كان، وقياسا على ما تعلنه مؤسسات الدولة المختلفة من تسامح مع جميع المكونات.
الحضور الأمني في المدارس
رصد "الإمارات71" في اليوم الأول من العام الدراسي انتشارا شرطيا وأمنيا مكثفا، خاصة في رأس الخيمة والشارقة، فيما أكدت الصحف المحلية انتشار شرطي أمام المدارس والتقاطعات الرئيسية في شوارع الدولة. فقد قامت الشرطة برأس الخيمة والشارقة بمرافقة الطلبة من أماكن سكنهم إلى مدارسهم، ووزعت الهدايا على الكثير منهم.
غير أن مراقبين، يؤكدون أن أبرز تغيير في المدارس هو منحها وجها "أمنيا وعسكريا" على حد تعبيرهم. واستدل المراقبون فيما ذهبوا، إلى تصريحات سابقة لضاحي خلفان من ضرورة وجود ضابط أمن في كل مدرسة في الدولة. فيما قال مدير مجلس أبوظبي للتعليم علي راشد النعيمي الأسبوع الماضي، "إن وجود الشرطة معنا أمر مهم لضمان أمن وسلامة الأبناء والبنات..، إذ يتعين العمل والتعاون معهم والاستماع لملاحظاتهم والاستفادة من خبراتهم" على حد قوله.
أما هيئة الطرق والمواصلات في دبي، فقد اتخذت قرارا يقضي باستئناف برامجها التوعوية في المدارس بمجموعة من الفعاليات والأنشطة، ما يعني انتفاء الحاجة لوجود الشرطة في المدارس، خاصة أن النعيمي وخلفان بررا الوجود الأمني في التوعية المرورية وحماية الطلاب من المخدرات، علما أن مؤسسات الدولة المختصة تقوم بهذا الدور منذ نشأة التعليم في الدولة، وليس هناك حاجة لأي وجود شرطي وأمني، إذا كانت التوعية والتثقيف هي المبرر الوحيد.
وإزاء ما تقدم، أكد مواطنون ومقيمون، أنه كان يتوجب على الوزارة ألا تخالف مشاعر ورغبات الطلاب وذويهم وأن تبدأ العام الدراسي في ظروف واستعدادات أفضل، مع ضبط سوق القرطاسية وتوفير الكتب وخفض تكلفة التعليم، لضمان انطلاقة قوية لسنة دراسية جديدة، بعيدا، أيضا، عن التخوف على ما يتلقاه الطلاب من مناهج جديدة وحضور شرطي لا مبر له ولا طائل منه، على حد تقديرهم.