مع كل موسم لمعسكرات التدريب الخارجية لأنديتنا الرياضية، يعود الجدل بقوة إلى الشارع الرياضي حول أهميتها ومبرراتها والجدوى المأمولة منها بعد مقارنتها مع النتائج المتحققة للأندية التي دأبت على استخدام هذه المعسكرات. فماذا يقول مؤيدوها، وبماذا يرد "المتحفظون"؟ وما مدى حاجة الفرق الكروية الإماراتية للمعسكرات الخارجية، ولماذا تمتلك أندية فرصة الذهاب لهذه التجارب، وأخرى منعدمة الحظوظ الرياضية؟
مؤيدو معسكرات التدريب
يسوق مؤيدو معسكرات التدريب الخارجية جملة واسعة من الاعتبارات والمبررات التي تشكل دافعا للمضي بتجربة رياضية احترافية فريدة ونادرة. وبالنظر إلى أبرز ما يقولونه، يمكن الإشارة إلى أن أكثر هدف يسعون لتحقيقه هو ضمان ما يمكن أن نطلق عليه "خلوة رياضية" للاعب الوطني؛ بعيدا عن أية انشغالات اجتماعية أو شخصية طوال فترة المعسكر التي تتراوح عادة بين أسبوع إلى أسبوعين.
مدير المنتخب الوطني السابق عبدالله حسن، شدد في وقت سابق لصحيفة "الإمارات اليوم"، على "أهمية هذه المعسكرات بالنسبة للفرق وللاعبين في حال حسن اختيار المكان والمقر المناسب وعدم الانجراف وراء الأماكن الكبيرة والرنانة التي لا تحقق الأندية منها سوى مكاسب محدودة".
ويعتبر جمعة حمدان العبدولي مدير فريق دبا الفجيرة، أن المعسكرات الخارجية "مفيدة جداً في مرحلة إعداد الفريق للموسم خاصة في الجانب اللياقي والتكتيكي". ويصف المدرب هلال محمد إقامة المعسكرات الخارجية للأندية، "بالمفيدة متى كان النظام موجوداً وكانت الضوابط الإدارية موجودة حسب برنامج علمي ".
أما فيصل الخديم لاعب بني ياس، فيرى أن الإعداد الخارجي مهم لكل ناد بصرف النظر عن الوجهة التي يمكن أن يقيم فيها النادي أو الفريق، قائلا: "المعسكرات مهمة بالطبع..أما أين فلا يهم".
واستدل مناصرو المعسكرات على وجهة نظرهم، بالانتصار الرياضي الذي حققه نادي النصر، العائد لتوه من معسكره الخارجي في بولندا، على "الجيش القطري"، في ذهاب الدور الربع نهائي من دوري أبطال آسيا في الدوحة الأربعاء (24|8).
المتحفظون على معسكرات التدريب
عمليا، لا يوجد لاعب أو محلل أو حتى ناقد رياضي يرفض معسكرات التدريب الخارجية، من أجل رفضها، وإنما يسجلون تحفظات على ظروف انعقادها والنتائج المتحققة منها.
وبحسب "الإمارات اليوم"، فقد حذّر مهتمون بكرة القدم الإماراتية، من أن معسكرات التدريب خصوصاً في أوروبا، تحولت إلى "موسم اصطياف واستجمام". وأشاروا إلى أن إصرار بعض الفرق الإماراتية على "مواجهة فرق ضعيفة ومن الهواة في المعسكرات الخارجية، لا يحقق أية نتائج ايجابية"، وأكدوا أن "بعض الفرق تعتبر نفسها في رحلة للسياحة والسفر، ولا تولي الجوانب الفنية والبدنية والتكتيكية أي اهتمام". وناشد الرياضيون، الأندية "بعدم الرضوخ والاستسلام لشروط سماسرة المعسكرات الذين يتحكمون في أماكن وبرامج معسكرات الأندية، وطالبوها بوضع البرامج التي تستفيد منها، بما في ذلك خوض لقاءات قوية مع فرق متميزة".
وأكد مدير المنتخب الوطني السابق عبدالله حسن، أيضا، أن: "المعسكرات الصيفية التي تقيمها الأندية الإماراتية في أوروبا لها "بُعد تجاري وربحي" يستفيد منه السمسار. وانتقد "حسن" عدم مراعاة اختلافات الطقس بين أوروبا والدولة، وهي اعتبارات مهمة يجب على الأندية الانتباه لها إن كانت عن تدريب منتج.
أما كابتن المنتخب الوطني السابق، خالد اسماعيل، فقال: "معظم المعسكرات الخارجية لا تخلو من المشكلات الإدارية والتنظيمية التي تحد من الفوائد المرجوة من وراء هذا المعسكر، مؤكدا أن "بعض المعسكرات الخارجية تشبه إلى حد كبير الرحلات السياحية"، خصوصاً في "ظل غياب الدقة والتنظيم المثالي".
خارطة معسكرات الأندية الوطنية
ورغم أن التدريب والمعسكرات معدة لتأهيل وتدريب اللاعبين والمدربين والإداريين، إلا أن أغلب الفرق الرياضية التي تشارك في هذه المعسكرات هي الفرق الجيدة فنيا على مستوى الدولة، في حين أن فرق الهواة التي تحتاج لمزيد من الدعم والتدريب لا تمتلك القدرة المالية على الذهاب في رحلة تدريب خارجي، ما يعني حرمان نسبة معتبرة من الأندية والفرق الرياضية من تكافو فرص التدريب والذي هو حق لكل ناد و لاعب، إذ من غير المقبول أن يظل الدعم المقدم للأندية مقتصرا على أندية معينة، وقاصرا عن أندية أخرى.
وأقامت جميع الأندية الإماراتية هذا الموسم معسكراتها الخارجية في أوروبا. إذ توزعت: 5 أندية في ألمانيا، ناد في النمسا و3 في هولندا وإيطاليا وإسبانيا وبولندا وسلوفينيا ورومانيا. واختار نادي الأهلي، ختام معسكره الخارجي قريبا من ميونخ الألمانية، بعد مدينة برونكو الإيطالية. كما استقرت أندية حتا، والوصل، ودبا الفجيرة، والظفرة على إقامة معسكراتها في ألمانيا. و أقامت أندية العين في النمسا، والوحدة في إسبانيا، والجزيرة والشباب في هولندا، والأهلي في إيطاليا، معسكراتها الخارجية.
"اقتصاد" معسكرات التدريب
يتضح إذن، أهمية التدريب في المعسكرات سواء داخلية أو خارجية شرط محاصرة أي ظروف تعوق تحقيق أهدافها. ولكن فيما يمكن أن نطلق عليه "اقتصاد" معسكرات التدريب، فنجد أن عددا محددا من الفرق الكروية الإماراتية تمتلك القدرة المالية على الذهاب إلى هذه المعسكرات نظرا لتكلفتها الباهظة وظروفها السياحية ذات الدرجة الأولى، على حد وصف ناقدين.
فمعسكر مثل "سان ميلان"، يتقاضى نحو 800 يورو (نحو 3500 درهم) عن اللاعب الواحد عن كل يوم، غير شامل الضريبة. ويوثق متابعون أندية أبوظبي ودبي المشاركة في المعسكرات حياة "رفاهية" و"بذخ"، ما يرتب على الكرة الإماراتية نفقات طائلة من جهة، وما يمكن أن يؤثر على أندية الإمارات الشمالية للذهاب للتدريب الخارجي. وباستثناء، "نادي كلباء" و "دبا الفجيرة"، فإن أندية الإمارات الشمالية منعدمة فرصة تدريب المعسكرات. و ندد محمد الهاشمي المدير التنفيذي لنادي العروبة بـ"الصرف البذخي" الذي تنتهجه الأندية والذي يكلف أموالاً طائلة تصل إلى مليون درهم في بعض الفرق، كما قال لصحيفة البيان.
الدور الرسمي في "الإصلاح الكروي"
قال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة رئيس الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة: "إننا محظوظون في الإمارات بقيادتنا السياسية التي تولي الشباب ومنذ وقت مبكر أهمية كبرى، وتدعم كل المنتمين للمجال الرياضي"، ما يفتح بابا لأمال واسعة أن يشمل الكل جميع الأندية والفرق الرياضية خاصة الأقل حظا.
أما رئيس اتحاد الكرة الإماراتي الجديد مروان بن غليطة، فقد أكد خلال حملته الانتخابية عددا من الوعود الرياضية. وقال في إبريل الماضي لصحيفة "البيان":" ما زلت عند وعدي بتخصيص 25% من موازنة اتحاد الكرة البالغة 120 مليون درهم، لدعم أندية الهواة، التي تعاني شح الإمكانات". وتابع، "على الأندية محاسبتي على ذلك من خلال برنامج 100 يوم عمل".
وأكد أيضا، لصحيفة "الاتحاد": بالنسبة لمشاريعي، فإنني أجد أن دعم أندية الهواة فرض، لن نتخلى عنه، دعم مادي وإداري". وانتقد "بن غليطة" تقليص عدد أندية الهواة من 14 فريق 9 فقط حاليا، واعتبره "مؤشرا على التخلي عن المسؤولية".
واستنكر ناقدون رياضيون، أن يكون تعامل الاتحاد السابق مع أندية الهواة بالإلغاء في حين يتم التوسع بالإنفاق على الأندية المحترفة أصلا في معسكرات خارجية، متسائلين إن كان هناك أسبابا غير فنية وراء انعدام تكافؤ الفرص في هذا الصدد أيضا.