و صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار، الملايين حول العالم، لكن آلاف الأطفال الآخرين عالقون في دوامة الحرب في سوريا، تروّعهم الغارات والقصف أو ينتظرهم الموت جوعاً في المدن المحاصرة.
وتصدرت صورة الطفل الحلبي البالغ من العمر أربع سنوات الصفحات الأولى في الصحف العالمية، ومقدمات نشرات الأخبار وتناقلها الملايين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم في وقت اعتبرت واشنطن أنها تجسد «الوجه الحقيقي للحرب» التي تعصف بسوريا.
ويقول طبيب الأطفال أبو براء، الذي يمارس عمله في الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حلب «حالة عمران ليست نادرة، نرى يومياً عشرات الحالات المماثلة وغالباً ما تكون الإصابات أكبر».
ويوضح طبيب الأطفال، «هناك آلاف القصص عن أطفال مصابين ومقطوعي الأطراف أو يعانون من إصابات في البطن والدماغ»، منذ بدء المعارك في مدينة حلب صيف العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين أحياء غربية تحت سيطرة قوات النظام وشرقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة.
مجرد كلام
وعلى رغم الضجة، التي أثارتها صورة عمران، يعرب الطبيب عن اقتناعه بأنها «لن تغير شيئاً». ويقول «يشاهد العالم يومياً عبر «يوتيوب» أطفالاً يموتون جراء القصف أو يتم إنقاذهم من تحت الأنقاض، لكن أحداً لا يتحرك، فقط مجرد كلام بكلام».
وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي أمس مجموعة من الصور المركبة تعبيراً عن امتعاضهم من صمت العالم إزاء الحرب السورية. ويظهر عمران في إحدى هذه الصور وهو يتوسط الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، في تلميح إلى أن أطفال سوريا ضحايا صراع القوى الكبرى.
أما الصورة الأكثر تعبيراً فهي لرسام الكاريكاتير السوداني خالد البيه، ويظهر فيها عمران إلى جانب الطفل إيلان الكردي، اللاجئ السوري ذي الأعوام الثلاثة، الذي جرفته المياه بعد غرقه إلى أحد الشواطئ التركية في سبتمبر.
في المقابل، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وموالون للنظام السوري صوراً لأطفال قتلوا جراء القذائف، التي تطلقها فصائل المعارضة على الأحياء الغربية في حلب، مذكرين بأن مدنيين يقتلون، ويصابون في الجهة الأخرى من المدينة.
هز الضمائر
وترى الناطقة الإعلامية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جولييت توما أن صورة عمران هي «تذكير بهول الحرب وتأثيرها الوحشي على الأطفال». وتضيف، «يجب أن تهز هذه الصورة ضمائر العالم».