حمّلت وكالة أنباء اقتصادية عالمية قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي مسؤولية فشل الاقتصاد في بلاده، وقال تقرير نشرته وكالة “بلومبرغ” إن السيسي سبب فشل الاقتصاد المصري ودعت الجيش إلى ترك صناعة الغسالات والزيت والمكرونة.
ويأتي هذا التقرير من الوكالة المتخصصة والعريقة بعد عدة تقارير محترفة لمجلة "الإيكونوميست" البريطانية والتي أشارت بوضوح إلى فشل السيسي وطالبته بعدم الترشح لفترة رئاسية جديدة.
وجاء تقرير "بلومبيرغ" في ضوء إعلان صندوق النقد الدولي الخميس أنه سيمنح مصر حزمة من المساعدات ، لمدة ثلاث سنوات تبلغ قيمتها 12 مليار دولار، والتي ستزيد من خلال العديد من مليارات الدولات المدفوعة من دول الخليج.
وقال التقرير “إن مصر غارقة في الركود الاقتصادي، مع ارتفاع حاد في كلا من معدلات البطالة والتضخم، وهو ما يتطلب المساعدة، ولكن الظروف الحالية تقول إن هذه الاموال ستذهب هباءا منثورا.
فحكومة السيسي، الجنرال السابق الذي استولى على السلطة في مصر بعد انقلاب على حكومة اسلامية منتخبة قبل ثلاث سنوات، تلقى بالفعل عشرات المليارات من الدولارات كمساعدات، ولكن من الصعب عليك ملاحظتها أو معرفة أماكن صرفها، فمعدل البطالة بحسب الاحصائيات الرسمية هو 13% و يمثل الشباب فيه النسبة العظمى، كما أن مصر لديها عجز في الميزان التجاري يصل إلى 7% من الناتج المحلي، وعجز يقدر بحوالي 12% في الميزانية العامة من الناتج المحلي، فيما تونس التي تعيش نفس الظروف تقريبا منذ الربيع العربي فقد كان العجز في ميزانيتها حوالي 4.4%.”
ويقول التقرير إن “ما يزيد الأمور سوءا أن مصر تملك فائضا من العملة المحلية المبالغ فيه، فيما تعاني من نقص حاد وخطير في النقد الأجبني مع العلم أن الحكومة المصرية اتخذت العديد من التدابير التي لم ينجح أحدها حتى الآن”.
ويضع التقرير “اللوم فقط على عاتق السيسي بشكل مباشر، الذي بدد حزم المساعدات السابقة على مشاريع عملاقة مشكوك في عائدها على الاقتصاد المصري، بما في ذلك التوسع الهائل في قناة السويس، ولم ينفق بالشكل المطلوب على البنى التحتية الاساسية.
و"لحسن الحظ، فإنَّ حلمه لبناء مشروع العاصمة الإدارية الجديدة الذي يصل تكلفته إلى 45 مليار دولار يبدو أنَّه تمَّ إلغاؤه”.
ونقل التقرير عن رالف ريسوزينسكي، مدير قسم الابحاث في شركه (Genoese shipbroker Banchero Costa) ومقرها سنغافوره، قوله “بالنسبه لنا في قطاع الشحن الدولي فإن قرار توسعه قناه السويس شكل مفاجأه، لأنه لم يكن هناك ضغط، ولا حاجه ولا مطالبات من أجل توسعه القناه”.
وبحسب البيانات الرسميه التي أوردها تقرير “بلومبرغ” فإن عدد السفن التي تعبر من قناه السويس حاليا لا يزال أقل بنسبه 20% عما كان عليه الحال قبل العام 2008، أي قبل الأزمة المالية العالمية، فضلا عن أن الزيادة في حركة السفن بالقناة خلال عقد كامل ارتفع بنسبه 2% فقط.
ومضت الشبكة تقول: “حكومة السيسي فشلت أيضًا في الوفاء بتعهداتها بالإصلاح الاقتصادي.. فخفض الدعم عن الوقود والمواد الزراعية وزيادة الضرائب وبرنامج القضاء على الروتين كلها خطوات بدأت ثم توقفت، كما أنَّ خطة خفض قيمة العملة، تمَّ عرقلتها، ولكن التضخم تزايد في كل الأحوال.. الآن صندوق النقد الدولي يطالب السيسي بالمحاولة مرة أخرى لخفض قيمة الجنيه المصري وفرض ضريبة القيمة المضافة”.
وجاء في التقرير “كما فشلت الحكومات التي كلفها السيسي بالحفاظ و تحقيق الوعود بشأن الإصلاح الاقتصادي، فقد وعد بتخفيض أسعار الوقود، وتقديم إعانات زراعية و الكثير من الوعود الاخرى، غير أن اياً منها لم يُحقق وزاد التضخم، والآن قام صندوق النقد الدولي بالطلب من مصر بتخفيض قيمة الجنيه المصري و فرض ضريبة القيمة المضافة كإصلاحات اقتصادية في البلاد، وهو ما يزيد من العبء على المواطن المصري خصوصا على الطبقات المتوسطة والفقيرة والمعدومة.
مصر التي يبلغ عدد سكانها حوالي 90 مليون نسمة تعاني من فقر يطال 25% من السكان ونفس النسبة تعاني من الأمية، كما أنها تعاني من مشكلة مياه ترجع إلى الممارسات الزراعية الخاطئة و النمو السكاني السريع، كما أن جودة التعليم سيئة و وزارة التربية والتعليم تحتاج إلى 30 ألف معلم جديد كما اعترف السيسي في العام 2014، ولم يقم بتخصيص أي من أموال المساعدات أو المنح لتوظيفهم، كما أن 40% من نسبة السكان في مصر من الفئة العمرية 10 – 20 عاما.
اعترف موظفو ومسؤولو البنك الدولي أن الحزمة الجديدة التي طلبتها مصر هي بالأساس حزمة تجميلة، ولن تقوم بحل أي من مشكلات الاقتصاد الحقيقية، فالسيسي و مانحوه من دول الخليج يجب أن يعترفوا أن الاقتصاد المصري بحاجة إلى إصلاح حقيقي، وعلى مصر أن تستثمر في البنية التحتية مثل الطرق والمدارس وشبكات إمدادات المياه، وأن تعمل على تسهيل القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة من المصارف، كما أن عليها أن تكسر الاحتكار بشكل كامل.
ودعت وكالة بلومبيرغ النظام المصري إلى “إنهاء الاحتكار الصناعي العسكري لكل شيء من الغسالات إلى زيت الزيتون، وإعطاء المجتمع المدني كامل الحرية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة”.
وخلص التقرير إلى أنه “من الممكن لمصر أن تكون مكانا جديرا بالاستثمار مرة أخرى، ولكن قبل أن يحصل ذلك فإن الكثير يجب أن يتغير”.