شكلت التطلعات لمعالجة الأزمات التي يشهدها العالم الإسلامي والتأكيدات على أهمية تكاتف دوله لمواجهة الإرهاب محورين رئيسيين لكلمات القادة والمسؤولين ورؤساء الوفود في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ13 لقمة "منظمة التعاون الإسلامي"، التي انطلقت صباح الخميس في مدينة اسطنبول التركية.
القمة، التي تتواصل حتى يوم غد الجمعة، بدأت بتلاوة آيات من القرآن الكريم. وأخذ الكلمة وزير خارجية مصر، سامح شكري، على اعتبار أن بلاده كانت رئيسة القمة الإسلامية السابقة في دورتها رقم 12.
وفي كلمته، أعلن شكري تسليم رئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي والقمة رقم 13 للمنظمة إلى تركيا.
بعد ذلك اعتلى الرئيس التركي، رجب طلب أردوغان، منصة القمة الإسلامية، ليعلن بدء فعاليات القمة الـ13، تحت رئاسة بلاده.
وأعطى أردوغان الكلمة للأمين العام لـ"منظمة المؤتمر الإسلامي"، إياد مدني، الذي أعلن أن الدورة الـ 14 للقمة الإسلامية ستنعقد في غامبيا عام 2018.
ودعا مدني إلى "إنهاء الاحتلال الأرميني لإقليم قره باغ الأذربيجاني، وإيجاد حل سلمي نهائي لهذه الأزمة"، وجدد دعوة منظمته إلى رفع العقوبات الأمريكية عن السودان.
وبخصوص قمة إسطنبول الحالية، أكّد أن ملايين المسلمين "يتطلعون إلى نتائج هذه القمة في حل العديد من الأزمات التي تواجه الأمة الإسلامية".
الأمين العام انتقل إلى الحديث عن القضية الفلسطينية، وقال إنها "ما زالت تتصدر ملفات منظمة التعاون الإسلامي، وقد دعت قمة جاكرتا (قمة استثنائية لمنظمة التعاون انعقدت الشهر الماضي حول القضية الفلسطينية والقدس) إلى تبني مجلس الأمن الدولي قرارات لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية".
وفي هذا الصدد، ناشد مدني "الفرقاء الفلسطينيين العمل على تجاوز الخلافات، وتشكيل حكومة وفاق فلسطينية؛ عبر إجراء عملية انتخابية قريبة".
وعلى صعيد الأزمة السورية، لفت الأمين العام إلى أن منظمة التعاون "تتابع هذه المسألة عن كثب" مع مجلس الأمن الدولي للوصول إلى الاستقرار في هذا البلد العربي.
وحول الأزمة اليمنية، جدد مدني دعم "منظمة التعاون الإسلامي" للشرعية في اليمن المتمثلة في الرئيس، "عبدربه منصور هادي".
أردوغان
بعد ذلك، أخذ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الكلمة، والتي أكد فيها على ضرورة التكاتف الإسلامي في مواجهة الإرهاب.
وقال: "علينا إيجاد الحلول للإرهاب والأزمات الأخرى القائمة في الدول الإسلامية بأنفسنا؛ وذلك من خلال التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، بدلا من انتظار تدخل القوى الأخرى".
وتساءل مستنكرا: "لماذا ننتظر المساعدة من غيرنا على حل مشاكلنا وتخليصنا من الإرهاب؟، علينا أن نحلّ مشاكلنا بأنفسنا".
وأضاف محذرا: "عندما نمتنع عن التدخل لحل أزماتنا، يقوم غيرنا بالتدخل نيابةً عنّا، والآخرون عندما يتدخلون، إنما يتدخلون من أجل النفط وليس من أجل إحلال الرفاهية والسلام بيننا".
وانتقد ما وصفه بـ"إزدواجية" المجتمع الدولي في إدانة ومواجهة الإرهاب.
وقال: "نشعر بالأسف بسبب المواقف المتناقضة التي تتعاطف مع ضحايا هجمات باريس وبروكسل، ولا تأتي على ذكر ضحايا هجمات أنقرة وإسطنبول ولاهور (في باكستان). يجب مكافحة جميع التنظيمات الإرهابية بنفس العزيمة".
أمير قطر
بعد ذلك، ألقى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كلمة نيابة عن المجموعة العربية، أعرب فيها عن "بالغ التقدير للجمهورية التركية على استضافتها القمة". وعبّر عن ثقته في أن رئاسة تركيا لهذه القمة "ستمثل إضافة بناءة في مسار التعاون الإسلامي".
ولفت إلى أهمية التوقيت الذي تنعقد فيه هذه القمة ، قائلا: "تنعقد هذه القمة، والعديد من دولنا تواجه تحديات خطيرة تتطلب منا مضاعفة الجهود، وتكثيف عملنا المشترك؛ لمواجهتها، وبذل الجهد للاستجابة لتطلعات شعوبنا".
وأعرب أمير قطر عن أمله أن تتكلل أعمال القمة بنتائج تلبي آمال وتطلعات أمتنا الإسلامية.
الملك سلمان
من جانبه، دعا العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، في كلمته، إلى معالجة قضايا الأمة الإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأزمة السورية.
وقال في هذا الصدد: "نحن مطالبون بمعالجة قضايا أمتنا الإسلامية وفي مقدمتها إيجاد حل عادل القضية الفلسطينية وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية وإنهاء الأزمة السورية وفق مقررات جنيف 1 وقرار مجلس الأمن رقم 2254، ودعم جهود إنهاء الأزمة الليبية".
وفي الشأن اليمني، أعرب العاهل السعودي عن " دعم الجهود المبذولة من الأمم المتحدة لإنجاح المشاروات (محادثات السلام اليمنية) التي تعقد في الكويت يوم 18 أبريل الجاري".
أيضا، تطرق العاهل السعودي، في كلمته، إلى جهود مكافحة الإرهاب، وقال إن "واقعنا اليوم يحتم علينا الوقوف معا أكثر من أي وقت مضى لمحاربة آفة الإرهاب وحماية جيل الشباب".
واعتبر أن تشكيل "التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب"، الذي يتكون من 39 دولة، يأتي في هذا السياق، مشيراً إلى أن هذا التحالف سيقوم "بتنسيق الجهود لمحاربة الإرهاب من خلال مبادرات فكرية ومالية وعسكرية وإعلامية".
كما شدد الملك سلمان على "وقف التدخل السافر في شؤون الدول الإسلامية"، داعيا إلى وقفة جادة لمنع هذا التدخل.
وتابع في هذا السياق قائلا: "ما يتعرض له عالمنا الاسلامي من صراعات وأزمات تتمثل في التدخل السافر في شئون عدد من الدول الاسلامية، وإثارة الفتن والانقسامات، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية، واستخدام ميلشيات مسلحة لغرض زعزعة أمننا واستقرارنا؛ يتطلب وقف جادة لمنع هذه التدخلات، وحفظ أمن وسلامة عالمنا الإسلامي".