أكدت مجلة فورين أفيرز الأمريكية أن أجواء العلاقات بين كل من تركيا وروسيا مشحونة بشكل كبير منذ قيام تركيا بإسقاط الطائرة الروسية التي قامت بانتهاك مجالها الجوى في نوفمبر ليتم جر الدولتين إلى الحرب بينهما.
وأضافت المجلة فى تقرير صحفى أن سوريا قد تحولت بالفعل إلى ساحة صراع بالوكالة بين القوتين فى الوقت الذى تسعى فيه تركيا إلى الإطاحة ببشار الأسد وتواصل تقديم الدعم لجماعات المعارضة التى تصنفها موسكو كجماعات إرهابية.
وأوضح التقرير بأن روسيا، قدمت جنبًا إلى جنب مع إيران، دعمًا غير محدود للنظام السورى بما فى ذلك من خلال التدخل العسكرى المباشر الذى سمح للأسد باستعادة الزخم على الأرض خلال الأسابيع الأخيرة، ما تسبب فى نسف جهود محادثات السلام الدولية فى جنيف.
وأوضحت المجلة الأمريكية بأن التوترات بين البلدين كانت آخذة فى التصاعد منذ عدة أشهر قبل هذه الواقعة، وذلك بسبب التدخل الروسى فى أوكرانيا ثم فى سوريا، مشيرة إلى إنه فى خلال العامين الأخيرين، كان البلدان قد تراجعا إلى حد كبير عن حالة الوفاق التى كانت قد بنيت بينهما على مدار الـ15 عامًا الماضية.
وأضافت المجلة الأمريكية أن التقارب الروسى التركى خلال السنوات الـ15 الماضية ممكنا فقط لأن البيئة الجيوسياسية كانت هادئة على نحو غير عادى حيث وجدت أنقرة وموسكو من السهل عليهما التعاون فى التجارة والطاقة، حتى فى مجالات الدبلوماسية الإقليمية.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه في السنوات القليلة الماضية، عادت الجغرافيا السياسية إلى أوضاعها التقليدية حيث اختلفت المصالح الروسية والتركية على نحو متزايد فى مناطق القوقاز والبحر الأسود، والشرق الأوسط، فضلا عن تسبب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم فى تصاعد شعور تركيا بالخطر القادم من الشمال، فى حين أن الصراعات السورية والكردية قد خلقت جرحًا مفتوحًا على حدودها الشرقية.
وألمحت المجلة الأمريكية إلى تواصل التنافس الروسى التركى حتى بعد انهيار الإمبراطوريتين العثمانية والروسية فضلا عن إنه عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، تراجع أسهم النفوذ الروسي وتراجع تواجد روسيا المباشر على الحدود التركية بفعل وجود جمهوريات القوقاز كعازل بينهما فى إزالة التهديد العسكري فيما سمح للبلدين بالتركيز على التعاون الاقتصادي.
وأرجحت المجلة الأمريكية بأنه من أسباب مواصلة الصراع الروسى التركى بالنزاع على جوارهما المشترك ففى وقت مبكر من التسعينيات، حاولت تركيا الاستفادة من لعلاقات التاريخية والثقافية لتحل محل روسيا باعتبارها راعيا للجمهوريات الإسلامية الناطقة بالتركية فى آسيا الوسطى.
وأشارت المجلة بأن كل من أنقرة وموسكو قاما بدعم أحد طرفى الصراع بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم ناغورنو كاراباخ الذى تم تجميده عام 1994 بعد إعلان وقف إطلاق النار.
وتطرقت المجلة أيضًا إلى الصراع الأكبر الذى يتمثل فى الحرب فى الشيشان حيث اتهمت روسيا تركيا بدعم المتمردين الانفصاليين.
ولا تزال فصول مواجهة صامتة وقريبة للحرب الباردة قائمة بين البلدين. وطالب وزير الخارجية الروسي الثلاثاء(1|3) من المجتمع الدولي الضغط على تركيا لإغلاق الحدود مع سوريا بذريعة تدفق دعم عسكري للمعارضة السورية، فيما تدرك روسيا أن حسابات أنقرة ومصالحها تتعارض بل وتتصادم تماما مع حسابات موسكو ومصالحها.
فليس من مصلحة الأتراك منح روسيا "إنجازا" مجانيا بإغلاق هذه الحدود والتي لطالما ظلت مفتوحة فإن أي عمل عسكري روسي ستظل تأثيراته محدودة مهمها بلغ من إجرام ووحشية ميدانية، وهذا ما يفهمه بوتين جيدا، ويؤجج الصراع بين الجانبين.