حضر الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة محاضرة بعنوان "الأمن مصدر السعادة"، تحدث فيها الفريق ضاحي خلفان نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي. فماذا طرح خلفان وكيف اجتزأ الشواهد من سياقاتها، وكيف ناقض الدستور؟
الأمن السياسي
اعتبر خلفان أن الأمن السياسي مهم لتحقيق السعادة، و أن النظام السياسي في دولتنا لم يسمح بوجود صراعات سياسية فيها، لأنه يعتمد في "الحكم على المجلس الأعلى المكون من سبع إمارات تحت مظلة المنظومة الاتحادية يتسع فيها الحكم بما يجعلها أرضاً مستقرة لا مكان للأحزاب فيها، في حين هناك الكثير من الدول المجاورة التي تعاني من الأحزاب وإلقاء اللوم فيما بينها"، وفق ما نشرته صحيفة البيان المحلية.
ورأى ناشطون أن ما أدلى به خلفان إنما يناقض الدستور الإماراتي ويناقض النظام السياسي الإماراتي بجملته وبرمته، كون الدستور جعل في الدولة خمس سلطات، أحدها المجلس الأعلى للاتحاد إلى جانب سلطة رئيس الاتحاد ونائبه، وسلطة مجلس الوزراء والمجلس الوطني الاتحادي والقضاء.
واستدرك الناشطون؛ صحيح أن جميع السلطات اليوم بيد السلطة التنفيذية وتسيطر عليها بما فيها السلطة القضائية وفقا لما أكدته المقرر الأممية غابرييلا كنول الخاص في القضاء والمحامين في تقرير رسمي لها صدر في مايو الماضي، ولكن من حيث النص فإن هناك سلطات أخرى في الدولة يجب أن تكون شريكة في إدارة الشأن العام والحياة السياسية وصناعة القرار.
وتحفظ الناشطون على ما اعتبره خلفان من أن عدم وجود الأحزاب هي سبب استقرار النظام السياسي في الدولة، كونه لا توجد تجربة حزبية واحدة يمكن الاستنتاج عنها هذا التعميم. فخلفان أخذ تجربة بعض الدول المجاورة التي لا توجد فيها حياة ديمقراطية أساسا للحكم على تجربة الأحزاب، ولكنه تجاهل نحو 180 دولة في العالم بما فيها دول ملكية وراثية فيها تجربة حزبية وديمقراطية أسست دولا أكثر أمنا وعدالة من دولة الإمارات.
وأضاف الناشطون، ليس المطلوب أن يكون في الإمارات أحزابا سياسية -متفقين مع بعض الاجتهادات في هذا المجال- ولكنهم طرحوا ضرورة وجود مؤسسات مجتمع مدني فاعلة وجمعيات نفع عام مستقلة وإعلام حر وشفافية حكومية وعدالة اجتماعية للوصول إلى الاستقرار وهذه المؤشرات يرى الناشطون أنها غير متوفرة في الدولة، كما أن وجودها غير مرتبط بوجود أحزاب من عدمها.
وقال الناشطون إذا التعددية السياسية هي سبب عدم الاستقرار، فلماذا لدينا خمس سلطات، ولماذا المجلس الأعلى مكون من سبع إمارات يمثلهم سبع حكام، أوليس الأقرب لمنطق خلفان إلغاء الأصوات الأخرى حتى نضمن استقرارا تاما، يستنكر الناشطون.
نسبة الجرائم لدى خلفان
وضرب خلفان مثالا على الأمن والاستقرار الناتج عما سماه الأمن السياسي، بانخفاض جرائم القتل إلى 0.4 أي أقل من واحد صحيح لكل 100 ألف من السكان"، على حد مثاله. ولكن خلفان تجاهل الجرائم الأكثر خطورة من القتل في إمارة دبي وحدها في الربع الثالث من العام الجاري وحده، والتي أكدها قائد عام شرطة دبي اللواء خميس المزينة الأسبوع الماضي، ارتفاع نسبة جرائم المخدرات وزيادة في أعداد المتورطين فيها عن نفس الفترة من العام الماضي. إذ سجلت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرطة دبي 364 قضية خلال الربع الثالث من العام الجاري، وبلغ عدد الأشخاص المتورطين فيها 469 شخصاً، بينما سجلت في الربع الثالث من العام الماضي 311 قضية بلغ عدد المتورطين فيها 417 شخصاً.
واعتبر الناشطون أن تقديم معلومات جزئية وانتقائية للتدليل على قضايا كلية وإطلاق الأحكام والتعميمات هو ضرب من تضليل المجتمع والرأي العام والتحايل على الحقيقة لا يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار الاجتماعي على الأقل.
الأمن الاقتصادي والعدالة
وتحدث خلفان عن أهمية الأمن الاقتصادي معتبرا أن ذلك متحقق في الدولة مستدلا على ذلك بما قاله مركز الإحصاء من أن نسبة البطالة في الدولة تبلغ 2%. كما زعم خلفان أن دولة الإمارات لديها نظام قضائي عادل لمحاسبة حتى رجال الشرطة مما يحقق الطمأنينة والسعادة لدى الناس.
ورد ناشطون بإحصاءات من مصادر مستقلة حول البطالة في الدولة، بالقول، "يقول حسن حكيميان، مدير معهد لندن لدراسات الشرق الأوسط بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، إن بعض الشباب الإماراتي يعاني من "الإحساس بالضياع داخل بلدهم". وتابع حكيميان "إن واحدا من بين كل خمسة رجال تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما في الإمارات، وأكثر من نصف النساء الشابات، عاطلون عن العمل. وتصل نسبة البطالة في الإمارات إلى 28 بالمئة من إجمالي عدد السكان".
وفيما يخص العدالة والمحاسبة في الإمارات، ذكّر الناشطون بما تؤكده التقارير الحقوقية الدولية الأممية والأهلية من أن النظام القضائي في الإمارات عرضة لتدخل جهاز أمن الدولة كما يتدخل في أعمال النيابة وأعمال المحامين وفقا لما جاء في تقرير "كنول" المشار إليه سابقا والذي أكد أن 200 بلاغا في التعذيب في السجون الإماراتية ولا سيما سجن الرزين وحشي الممارسة والذي بات يعرف على نطاق واسع بأنه "جوانتامو الإمارات"، ترفض السلطات إجراء تحقيق فيها.