أصدر الإئتلاف العالمي للحريات والحقوق تقريره الثاني حول أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات مستعرضا فيه الانتهاكات التي تقع على المدافعين عن حقوق الإنسان ومدى حصولهم على الحماية والخصوصية الواجب توافرها حتى يستطيعوا أن يكملوا رسالتهم في استنهاض الشعوب ومحاربة قمع السلطات الحاكمة للحقوق والحريات. ويعرض التقرير الواقع الذي يعيشه النشطاء بمناقشة المناخ التشريعي والأمني الذي يكبل أيديهم ويفرض على حقوقهم قيودا صارمة أو ينكرها تماما.
و يؤكد التقرير على أهمية وجود المدافعين عن حقوق الإنسان كون وجودهم هو أحد شروط تمتع المجتمع بهذه الحقوق ونيلها. وطالب التقرير بتنمية حقوق الإنسان وذلك من خلال تعزيز ضمانات حرية التعبير واحترام التعددية السياسية والثقافية وتوفير الحق بالحصول على المعلومات والحق في الوصول إلى وسائل الإعلام.
واقع المدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات
يبدأ التقرير في الحديث عن واقع المدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات بالموقعين على عريضة مارس 2011 التي طالبت بتطوير تجربة المجلس الوطني الاتحادي شأنهم شأن كثيرين طالبوا بتطوير السلطة التشريعية كما هو مفترض أن تكون عليه سلطة تشريعية معتبرة.
ويقول التقرير، "العريضة لم تلق قبولاً لدى السلطات الإماراتية التي شنت حملة قمع غر مسبوقة بحق المعارضة في البلاد، وكان أولهم المبادرين بتقديم المطالب الإصلاحية."
ووقعت عشرات الاعتقالات وحالات الاحتجاز والاختفاء القصري والتعذيب وغير ذلك من أنواع سوء المعاملة للمحتجزين، وأُجريت محاكمات جائرة وصدرت أحكام طويلة بالسجن ضد منتقدي الحكومة مع استمرار تعرض أفراد عائلاتهم للمضايقة والاضطهاد.
و أقدمت السلطات بشكل تعسفي على سحب جنسيات بعض الإماراتيين، حارمةً إياهم من حق الجنسية، و قامت السلطات بنفي اثنين من الناشطين وأبعدت عدداً من الصحفيين الأجانب. وفي حالات أخرى، حظرت السلطات سفر أفراد بعينهم إلى الخارج أو عمدت إلى مضايقتهم بإلغاء حساباتهم المصرفية وصرفهم من الخدمة أو عرقلة متابعتهم لدراساتهم الجامعية.
كما أصدرت الحكومة قانوناً جديداً لمكافحة "الجرائم الإلكترونية "لمعاقبة النقد والمعارضة في الفضاء الإلكروني، وسنت قانوناً قمعياً لمكافحة الإرهاب يمكن الاستعانة بأحكامه للزج بالناشطين السلميين في السجن .
ولوحق أو حُبس ما يربو عى 100 من الناشطين السلميين ومنتقدي الحكومة بتهم فضفاضة واسعة النطاق ترتبط بالأمن القومي أو "الجرائم الإلكترونية" في الإمارات، منذ بدء حملة القمع في عام 2011 واعتباراً من نوفمبر 2014، لا زال 76 من هؤلاء الناشطين يقبعون خلف القضبان.
اعتقالات تعسفية واختفاء قسري
وتطرق التقرير إلى حالات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري الذي تعرض له نخبة من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات، مثل الدكتور محمد الركن وناصر بن غيث الذي تجاوز الشهرين في الاعتقال والاختفاء القسري على خلفية التعبير عن الرأي، والدكتور القاضي أحمد الزعابي الذي تعرض لعمليات تعذيب وحشية وصفها التقرير بشكل مفصل وصلت إلى نزع أظافره ونتف شعره وتركه نصف عار ومنعه من استخدام نظارته وتعرضه للضرب والإيذاء البدني.
وتطرق التقرير إلى محاكمة المغرد ناصر الفارسي الجنيبي والحكم عليه بالسجن 3 سنوات وتغريمه 500 ألف درهم (136 ألف دولار). وأشار التقرير إلى اعتقال المدون العماني معاوية الرواحي الذي لا يزال قيد الإخفاء القسري منذ فبراير 2015 وسط مخاوف جدية على سلامته.
وعن المغرد أسامة النجار قال التقرير، اعتقل في مارس 2014 بعد نشر بضعة تغريدات تحدث فيها عن محاكمة ال"94" والذين من بينهم والده حسين النجار، وحوكم أيضا بثلاث سنوات سجن وبمبلغ 500 ألف درهم. ومن بين المعتقلين الذين أشار لهم التقرير أيضا، الناشط الحقوقي عبد الله الحديدي وقد حوكم بسبب نشر مجريات محاكمة ال"94" بالسجن لمدة 10 شهور وقد قام بدور هام في توثيق هذه المحاكمة.
أما الناشط عبيد يوسف الزعابي فقد اعتقل في ديسمبر 2013 بعد إجراء قناة "سي إن إن" مقابلة معه.
استخلاصات الإئتلاف العالمي للحقوق والحريات
أكد الإئتلاف العالمي للحريات والحقوق على أن دولة الإمارات العربية المتحدة لن ترقى إلى مركز مهم وإيجابي بين دول العالم إلاّ باحترامها لحقوق الانسان وصون وكرامة المواطن الإماراتي الذي يطالب بحريته وكرامته.
ومن هذا المنطلق يطالب الإئتلاف العالمي للحريات والحقوق السلطات الإماراتية بالإفراج فورا ودون شروط عن جميع سجناء الرأي، أي الأشخاص الذين زج بهم في السجن لا لشيء سوى لممارستهم السلمية للحقوق المتعلقة بحرية التعبير عن الرأي أو تشكيل الجمعيات أو التجمع أو غير ذلك من حقوق الإنسان المشروعة وفي مقدمتهم المجموعة التي ما زالت محبوسة من معتقلي قضية الإمارات الإصلاحيين المعروفة بإصلاحيي الامارات.
كما دعا الإئتلاف إلى إسقاط جميع التهم المسندة إلى أي شخص بناءاً على ممارسته السلمية لحق من حقوقه، ويؤكد الإئتلاف كذلك عى ضرورة صون حق الجميع في حرية التعبير عن الرأي، من خلال حماية الحق في البحث عن المعلومات والأفكار من جميع الأنواع وتلقيها ونشرها بصرف النظر عن الحدود أو الوسيلة، والحرص عى رفع القيود المفروضة بحكم القانون، وتعزيز القوانين التي تكفل للمنظمات غير الحكومية التمتع بالحق في حرية تشكيل الجمعيات.
وطالب الإئتلاف بالتوقف عن إصدار تشريعات من شأنها أن تفرض المزيد من القيود على أنشطة تلك المنظمات وتعديل أي قانون يفرض قيودا دون وجه حق على الحقوق المتعلقة بحريات التعبير عن الرأي وتشكيل الجمعيات والتجمع، بما في ذلك تعديل قانون العقوبات ومرسوم مكافحة الجرائم الإلكترونية وقانون الصحافة والمطبوعات وقانون الجمعيات وقانون مكافحة الإرهاب الجديد، وذلك بهدف جعل جميع هذه القوانين متسقة مع واجبات الإمارات المترتبة عليها وفق أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان.