أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، حرص دولة الإمارات، على ترسيخ قيم التسامح والاعتدال واحترام الأديان. جاء ذلك في مشاركته للقداس الذي أقامته كنيسة القديس سانت أندرو في أبوظبي (الجمعة 9|10)، بمناسبة إنجاز صيانة مبنى الكنيسة، و نقل خلاله تحيات محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، للمصلين الذين كانوا يحيون القداس.
وقال "نهيان": "إن قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة تؤمن إيماناً راسخاً بقيم التسامح والاعتدال والتعايش الثقافي والحضاري ونبذ عوامل الفرقة والتعصب بين الشعوب ما جعل من مجتمع دولة الإمارات نموذجاً رائداً للسماحة والتعايش الإنساني واحترام قيم وعقائد الآخرين وثقافاتهم".
وأضاف، ""إننا في دولة الإمارات نؤمن أيضاً إيماناً راسخاً بأن المجتمع الأكثر نجاحاً هو المجتمع الذي يكون فيه لدى جميع الناس فرص متساوية لتحقيق إمكاناتهم الكاملة كبشر وأيضاً تحقيق آمالهم وأحلامهم وتنمية مهاراتهم ومواهبهم، مؤكداً أن هذا هو المقياس الأكثر إلحاحاً فى تقدم المجتمع".
وتابع، "نرحب بتنوع السكان من الرجال والنساء الذين يساعدون في الحفاظ على الإثراء الثقافي.. وخاطب القداس قائلاً "لقد رحبنا بكم فى بلدنا وتعلمنا منكم الكثير".
ودعا "نهيان" إلى استئناف الحوار بين الطوائف الدينية المختلفة لتعزيز التفاهم ودفع عالمنا لتحقيق التسامح وبناء الجسور تمكن التفاعل والحوار المثمر لأن الناس لا يمكن أن تتحدث من خلال جدران الجهل وسوء الفهم.
وقائع في التسامح والحوار والإدعاءات
أصابت تصريحات الشيخ نهيان وغيره من تصريحات سابقة لمسؤولين آخرين الناشطين الإماراتيين بالذهول وهم يرون أن مفاهيم التسامح والحوار والاحترام والتنوع والإثراء لها فهم انتقائي ومجتزأ لدى المسؤولين التنفيذيين والأمنيين في الدولة، على حد تعبير ناشطين.
التسامح الانتقائي
التسامح الذي تحدث عنه الشيخ نهيان، يرد عليه الناشطون بعدم التسامح السياسي والأمني الذي تقوم به السلطات اتجاه الإماراتيين والذين يواجهون عقوبات قاسية و"ظالمة" على حد تقدير النشطاء لمجرد عريضة كتبوها أو لمقال نشروه أو تغريدة أو رأي أبدوه. والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصر، بدءا من قضية ال"94" إلى أسامة النجار إلى أحمد منصور إلى الشقيقات الثلاث إلى ناصر بن غيث الذي قارب الشهرين في الاختفاء القسري لأنه غرد حول "تسامح حكومة أبوظبي عن تخصيص أرض لبناء معبد هندوسي في الإمارة"، وهو ما دفع الناشطين للقول" التسامح مع الشرك بالله أمر ممكن ومحقق في الدولة ولكن التسامح مع تغريدة بن غيث فهو غير ممكن".
تكريس التمييز
وتطرق الناشطون إلى ما قاله "نهيان" من "أن المجتمع الأكثر نجاحاً هو المجتمع الذي يكون فيه لدى جميع الناس فرص متساوية لتحقيق إمكاناتهم الكاملة كبشر"، بالقول إلى أن السياسة الداخلية التي تتبعها السلطات الأمنية والتنفيذية تؤكد عكس هذه الادعاءات. وعرض الناشطون صور تؤكد ضيق مساحة المساواة في الدولة، من بينها المساواة في التنمية والأجور والعدالة الاجتماعية، فمواطن إمارة أبوظبي يفوق دخله مواطن رأس الخيمة بنحو 7 أضعاف وفق دراسة للخبير الاقتصادي الإماراتي البرفيسور يوسف خليفة. وجودة الحياة والرفاهية والاستثمارات والبنية التحتية متقدمة جدا في دبي وأبوظبي ومتخلفة في الإمارات الأخرى.
كما أن مفهوم المساواة المغلوط في الدولة، يقوم على منع أكثر من نصف الإماراتيين من المشاركة في انتخابات المجلس الوطني ترشيحا وانتخابا، وهذا الاختلال في ميزان المساواة يؤكد عليه جميع الإماراتيين بمن فيهم المحسوبون على توجهات الدولة الرسمية. كما أن هناك الحجب الإعلامي الذي يسمح فيه لمن يؤيد آراء وسياسات الحكومة بالظهور على وسائل الإعلام وحجب تام لمن يمتلك رأيا موازيا وليس معارضا.
ويستذكر مراقبون لطالما أن الإصلاحيين والإماراتيين روجوا فكرة التنوع والاختلاف لا الخلاف والإثراء وكيفية إدارة التمايز وتحويله إلى طاقة إيجابية بدلا من الصراع. ويقول ناشطون إن أدبيات الإصلاحيين كانت على الدوام تؤكد أنها ليست معارضة بالمفهوم الأكاديمي أو الفني للكلمة وإنما تعبر عن سلوك وطني اجتماعي وإداري بحت، ومع ذلك فقد نظرت السلطات الأمنية والتنفيذية لتنوع الإماراتيين على أنه مخالفة للرأي ومعارضة لها تُقابل بالاعتقال والتنكيل والعقاب الجماعي الذي يطال الناشطين وأبناءهم في صورة تؤكد أن المساواة والعدالة تطبق بصورة انتقائية في الدولة.
الحوار المفقود
وقال ناشطون إن الحوار الذي دعا له الشيخ "نهيان" بين الطوائف الدينية، هو حوار ليس موجودا بين الإماراتيين أنفسهم ولا بين الإمارات والتيارات الإسلامية التي تصفها الدولة بالإرهاب ووضعتها مع جماعات العنف في لائحة الإرهاب التي صدرت في نوفمبر الماضي. واستذكر ناشطون أن دعوات الحوار التي تطلق من حين لآخر مع المسيحيين مثلا، هي مرفوضة عندما يتعلق الأمر بحوار إماراتي داخلي لتفكيك الأزمة الداخلية منذ 2011، أو عندما يتعلق الأمر بدعم الحوار بين أطراف خارجية مثل الحوار بين الفرقاء الليبيين الذي تشكك فيه جهات أمنية وإعلامية في الدولة بذريعة أنه لا حوار مع الإرهاب (الثوار). كما استذكر الناشطون كيفية إدارة أبوظبي لأزمة السفراء مع الدوحة العام الماضي عندما تبخرت كل مفردات الحوار والتسامح والاعتدال والعلاقات الإيجابية مع الآخر.