وجهت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، الثلاثاء(15|9)، استجوابًا لوفد دولة الإمارات بجنيف، تضمن العديد من التساؤلات حول سبب تأخر صدور قانون حقوق الطفل، والمعوقات التي تحول دون التصديق على البروتوكولات الاختيارية، وسبب التحفظ على بعض بنود الاتفاقية مثل البندين 7 و17، وتساءل أعضاء اللجنة عن حجم الميزانية المخصصة لتنفيذ بنود الاتفاقية.
واستنكرت اللجنة غياب الإحصاءات الدقيقة والمفصلة، وصعوبة الحصول على معلومات من جهات غير رسمية، وغياب أي دور فاعل للمجتمع المدني عدا المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية في مجال حماية الطفولة.
واعتبرت اللجنة أن هناك ضبابية في تعريف الطفل في تقرير الإمارات، والإجراءات المعمول بها في مجال الحضانة وسن الزواج والإرث واستغلال والتعنيف الجسدي والمعنوي للأطفال، والجنسية ووضع أبناء المواطنين وغير المقيمين واللاجئين، وحق الطفل في النفاذ للمعلومة وآليات المتابعة.
انتهاكات حقوق أبناء معتقلي الرأي
وقدمت اللجنة تساؤلات أيضًا عن أوضاع أبناء السجناء وما يتعرضون له من انتهاكات وقيود، مذكرًا الوفد بأن الإمارات لم ترد على هذا السؤال الذي ورد أيضًا في مجموعة الأسئلة التي وجهتها اللجنة سابقًا، وطالب الوفد بإعطاء إجابة.
وأنكر وفد الإمارات وجود انتهاكات وأجاب محمد عبد الله المر، المدير المختص في حقوق الإنسان بشرطة دبي وهو عضو ضمن الوفد الإماراتي، أن "العقوبة شخصية ولا تقع إلا على من قام بالفعل الإجرامي، وعليه فإن النظام القضائي يعمل بهذه القاعدة"، مضيفًا أن "أبناء المحكومين وأسرهم يعيشون بشكل طبيعي ولم يتخذ ضدهم أي إجراء قانوني"، كما أنكر وجود أطفال أعدموا في السابق.
وتمارس السلطات الأمنية والتنفيذية عقوبات جماعية ضد ذوي معتقلي الرأي ولا سيما أبناءهم أحفادهم فيمنعون أبناء المعتقلين من التعليم أو من الحصول على إثبات الشخصية أو "خلاصة القيد" وأحدث حالة منع بحق أحفاد الناشط الإماراتي حسن الدقي من تسجيلهم في الأحوال المدنية واستخراج "خلاصة قيد" لهم.
إضعاف المجتمع المدني
وتساءلت اللجنة عن مدى مساهمة المجتمع المدني في إعداد التقرير ومناقشته، وعن سبب غياب أي مشاركة لمنظمات غير حكومية إماراتية في جلسة اللجنة، وهو سؤال لم تتم الإجابة عنه وبقيت أغلب ردود الوفد الإماراتي تفصيلية أحيانًا في بعض القضايا، خصوصًا الإنجازات، ومنقوصة أو مقتضبة في البعض الآخر خصوصا المسائل المتعلقة بالانتهاكات والمعلومات. وأكد مقرر اللجنة في الختام على ضرورة مدهم بالإحصائيات والبيانات التكميلية في غضون 24 ساعة، ولكن رئيس الوفد طلب مهلة أطول بتعلله تواجد الوفد خارج الإمارات في الوقت الحالي.
وتعاني مؤسسات المجتمع المدني في الإمارات من قيود ورقابة أمنية وعوائق تشريعية وتغول واستفراد المؤسسات الحكومية واستحواذها على العمل العام في الدولة وعدم السماح بوجود مجتمع مدني حر وقادر على خدمة المجتمع، وذلك وفق ما خلصت إليه دراسات إماراتية حول أسباب ضعف جمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع المدني عموما وسيطرة أجهزة أمنية وتنفيذية على قطاعات العمل.
وفيما يخص جانب حقوق الطفل، فقد قيدت الحكومة في يونيو الماضي مراكز الاستشارات الأسرية وهي التي تقدم استشارات للطفل والمرأة بذريعة تنظيم أعمال هذه المراكز. وفي الوقت الذي طغى شرط التخصص والمهنية في أعمال هذه المراكز إلا أن قرار "تنظيمها" اقتصر فقط على المراكز غير الحكومية. وقد رأى ناشطون أن الاهتمام بالطفل لا يقتصر فقط على مراكز الاستشارات النفسية وإنما هناك سلة واسعة من الأنشطة التي يمكن أن تستهدف الطفل إلا أن الحكومة حصرت مجال الطفل بالاستشارات النفسية والاجتماعية وقيدت المراكز الأهلية في التعامل مع الطفل وأخذت الوظيفة لنفسها تماما، وهو ما يتفق مع توجهات رسمية تسعى للسيطرة على نوعية حياة الإماراتيين وثقافتهم وتربيتهم وتنشئتهم- كما يتهم ناشطون- بدءا من الطفولة وحتى مرحلة الشباب التي تتولى الخدمة العسكرية الإلزامية التعامل معها.
وأشارت اللجنة في ختام الجلسة إلى أن هناك مجالات تقتضي متابعة دقيقة، وستقوم اللجنة في الأسابيع القادمة، بنشر الملاحظات الختامية حول مجمل القضايا التي تم طرحها، وتقدم توصيات لدولة الإمارات.
وكانت لجنة حقوق الطفل قد عقدت يومي 14 و15 سبتمبر، دورتها السبعين والتي خصصتها للنظر في تقارير مجموعة من الدول من بينها الإمارات، وأدائها في مجال حماية الطفولة واحترام بنود اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها الإمارات سنة 1997.
و نوه ناشطون إلى أن الوفد الإماراتي كان مكثفًا ومتنوعًا مع التركيز على العنصر النسائي، وكان واضحًا تعمد إبراز جانب الانفتاح على الطاقات النسائية لإبهار أعضاء اللجنة، وإعطاء الانطباع بأن الإمارات دولة "متقدمة" في مجال "حقوق المرأة"، ولكن ذلك لم يمنع أعضاء اللجنة من طرح جملة من الأسئلة الجوهرية.