التسويق الانتخابي في الدولة .. تسويق للمشاركة أم للإقصاء؟
خاص
– الإمارات 71
تاريخ الخبر:
16-08-2015
يواصل أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، مهمته في التحفيز الانتخابي لمن يحق لهم الترشح والانتخاب، في إطار خطة تم توجيهها لنحو 240 ألف إماراتي تم "تصعيده" إلى قوائم دوواين الحكام لهذه الجولة الانتخابية.
المتتبع لتصريحات الوزير، وجولاته وخطاباته "التحفيزية" لتسويق العملية الانتخابية وإقناع الناخبين بالنزول للانتخابات في (3|10) القادم لاختيار 20 عضوا من أصل 40 للمجلس الوطني الاتحادي، يتلمس ملامح "تسويق سياسي" للعملية الانتخابية برمتها، موجهة للناخب والمرشح وللرأي العام المحلي والدولي على حد سواء.
إحدى العناوين الرئيسة التي يسوق لها الوزير هذه الأيام، هو تبرير "الانتخابات الجزئية والانتقائية"، وتبرير إقصاء نحو 60% من الشعب الإماراتي الذين بلغوا السن القانونية لممارسة حقهم الانتخابي(21) عاما، على اعتبار أنه يسوق "للمشاركة" وينقذ الدولة من فتن ضربت وأصابت العديد من الدول التي "ابتليت" بالانتخابات الشاملة والحرة والنزيهة.
يقول قرقاش: "نحن ندرك وجود انتخابات شاملة في دول أخرى ولكن إفرازاتها السلبية كثيرة حيث الطائفية والخلافات العرقية والتفرقة وهذا ما لا نريده للإمارات". وهنا، فإن الوزير اقتطع حالات قليلة وتجاهل معظم الديمقراطيات والانتخابات الحضارية في العالم، واستخلص من حالات شاذة حكما عاما، رغم أن الشاذ لا يقاس عليه، وبرر فيه إقصاء الكل الإماراتي من الانتخابات. أي أنه تجنبا للعوامل الطائفية والعرقية فإن مشاركة 40% من الشعب بالانتخابات يحمي الدولة من ذلك.
ولكن من جانب آخر، وهو الأهم، فإن التخوف الطائفي والعرقي الذي ساقه قرقاش، لا ينطبق على الشعب الإماراتي مطلقا. فالشعب الإماراتي "أمة" متجانسة دينيا وعرقيا ومذهبيا ولغويا وتاريخا وحضارة ومصيرا مشتركا، أي أنه لا مكان لهذه التخوفات، إن كانت تخوفات حقيقية أو مجرد مبررات تقدم للرأي العام لتبرير الإقصاء.
من جهة أخرى، إذا كان الشعب الإماراتي مكون من مذاهب وعرقيات مختلفة، فإن الانتخابات الجزئية هي ما يهدد بتفجير الهويات والصراعات. فضلا عن أن الانتخابات الشاملة والعامة هي الوصفة الحقيقية لتجنب الانزلاقات الطائفية والنعرات العرقية، وليس أن الانتخابات تكرس هذه الآفات. وإذا كان الشعب الإماراتي لا تشكيلات فيه من هذا القبيل، فعلى معدي خطة التسويق سحب هذا المسوغ الخاطئ والذي لا ينطبق على الحالة الإماراتية بالمطلق. فضلا أن تفجر المذهبية والعرقية في الدول التي يخاف الوزير انتقال تجربتها للإمارات لم تنشأ نتيجة الديمقراطية والانتخابات وإنما نشأت بسبب الإقصاء وانعدام الديمقراطية.
ويقول ناشطون إماراتيون، إن سبب الإقصاء الحقيقي لأكثر من نصف الإماراتيين وحرمانهم من المشاركة في الانتخابات هو التمايز الفكري والسياسي الذي يثري أطياف واسعة من الشعب الإماراتي اليوم والذي يريد أن شريكا في تحمل المسؤولية في جميع مجالاتها. ويرى هؤلاء الناشطون أن تنوع الاجتهادات التي بات يملكها الإماراتيون هو ما يمنع قيام سلطة تشريعية معتبرة تقوم بالرقابة والتشريع وتعبر عن انتخابات كاملة حرة ونزيهة، كون جهات أمنية وتنفيذية تعتبر أن تنوع الاجتهادات وثراء الرأي العام يناقض تفردها واستفرادها في ملفات كثيرة داخلية وخارجية بحاجة إلى مراجعات في بعضها، وتراجعات وتصويب في بعضها الآخر.
ويتابع قرقاش: "لا نريد القفز الى انتخابات عامة ونندم"، "هدفنا هو تجربة انتخابية ناجحة ومجزية للمواطن وليس أن نتحول إلى دولة "مدمرة" بدعوى السياسة". ولا بد من التأكيد، أنه لا توجد تجربة واحدة في العالم تشير إلى أن الانتخابات العامة والشاملة إذا احترمت نتائجها ولم ينقلب عليها أحد بانقلاب عسكري، أو تشجيع الدولة العميقة على عدم التسليم بنتائج الانتخابات، أو لم تسيطر عليها السلطة التنفيذية سببت دمارا أو فشلا، بل إن الواقع يثبت أن الانتخابات والمجالس التشريعية المعبرة عن الشعوب هي التي تصنع الشراكة والسلام والرضا السياسي والاجتماعي والتنمية والعدالة في المجتمعات.