قال "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إن أخطر خطوة أقدم عليها حزب "العدالة والتنمية"، الذي ينتمي إليه الرئيس التركي طيب رجب أردوغان خلال العام الماضي، هي دفعه بقضية القدس لتكون على رأس أولويات الجدل العام في تركيا والعالم الإسلامي.
وفي ورقة تقدير موقف صادرة عن المركز ونشرها في العدد 709 من مجلته "مباط عال"، أوضح المركز، الذي يعد أهم محافل التقدير الاستراتيجي في إسرائيل، أن أردوغان وقادة حزبه نجحوا في وضع قضية القدس في قلب الحملة الانتخابية الرئاسية قبل عدة أشهر وفي صلب حملة الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وشدد المركز على أن هذه الخطوة تحمل في طياتها تداعيات بالغة الخطورة لن يقتصر تأثيرها على العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل، بل يتعداها إلى مجمل علاقات إسرائيل بالعالم الإسلامي. ونوه المركز إلى أن أخطر ما تنطوي عليه الخطوة التي أقدم عليها قادة حزب "العدالة والتنمية" تتمثل في منح الجهات والعناصر "المتطرفة" في جميع أرجاء العالم الإسلامي، المسوغ والمبرر للتدخل في الصراع بين الكيان الصهيوني والشعب الفلسطيني.
ويذكر أن أردوغان قد صرح خلال حملته الانتخابية الرئاسية بأن القدس جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي، في حين شدد رئيس وزرائه أحمد داود أغلو خلال الحملة الانتخابية التشريعية على أنه لا يوجد ثمة رابط بين اليهود والقدس. وأوضح المركز أن قادة "العدالة والتنمية" رفعوا قضية القدس لدرجة أنهم تعهدوا بالعمل على تحريرها من أيدي إسرائيل.
وشدد المركز على أنه على الرغم من أن حزب "العدالة والتنمية" كان معنيا بالتشديد على قضية القدس من أجل التأكيد على طابعه الإسلامي، فإن هذا الطرح يعد تطورا بالغ الخطورة ولا يمكن توقع تداعياته. وحذر المركز من أنه على الرغم من تراجع قوة الحزب كما دلت على ذلك نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، فإنه لا يوجد ما يدلل على إمكانية أن يحدث تحسن في العلاقات بين الجانبين بعد تشكيل حكومة ائتلافية تضم "العدالة والتنمية" والأحزاب الأخرى. وأشار المركز إلى أن ما يعقد الأمور بالنسبة لإسرائيل حقيقة أن التعاطف تجاه القضية الفلسطينية يمثل محور إجماع داخل تركيا، دون أن يقتصر على مؤيدي حزب "العدالة والتنمية"، ما يعني أن حكومة ائتلافية لن تدفع نحو تحسين العلاقات بين الجانبين بشكل كبير.
ونوه المركز إلى أن صلاح الدين دميرطاش، رئيس حزب "الشعوب الديموقراطي" الكردي، دعا خلال الحرب على غزة إلى فرض مقاطعة حقيقية على إسرائيل تفضي إلى انهاكها. وأوضح المركز أن حزب الحركة القومية التركية رفض في الماضي تسوية الخلاف مع إسرائيل بشأن الاعتداء على سفينة "مرمرة"، وحذر من نوايا إسرائيل الحقيقية وراء الحرص على إنهاء هذا الملف.
وفي سياق متصل، قال عراد نير، معلق الشؤون الخارجية في قناة التلفزة الثانية، إن قادة إسرائيل قد يكتشفون أنهم قد أخطأوا التقدير لاعتقادهم بأن نتائج الانتخابات الأخيرة ستضعف أردوغان لدرجة توفير بيئة داخلية تركية تساعد على تحسين العلاقات مع تل أبيب أو على الأقل وقف تدهورها. وحذر نير من أن ضعف أردوغان قد يؤدي إلى نتائج عكسية، على اعتبار أن الرئيس التركي قد يلجأ للتصعيد ضد إسرائيل من أجل استعادة شعبيته وتحسين فرص حزبه.