نورة السويدي

إشادة أممية محسوبة ومقدرة، تلك التي أعلنها بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، عقب زيارته للإمارات وتعرفه إلى جهود الدولة في مجال الطاقة المتجددة، وتنويع مصادرها الصديقة للبيئة، والإبداع المستدام الذي تقدمه للعالم مدينة «مصدر»، إسهاماً في تذليل عقبة التغير المناخي، والمحاولات الصادقة لتعميم الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية، حين قال إن دولة الإمارات «بطل عالمي» في قيادة المعركة ضد التغير المناخي، خاصة في مجال الطاقة المستدامة والمتجددة، قياساً إلى مساحتها وتعدادها السكاني.

لم تكن مدينة مصدر وحدها اللافتة في أسلحة هذه المعركة، بل يدعمها مشروع «شمس-1»، أكبر مشاريع الطاقة الشمسية المركزة العاملة على مستوى العالم الذي يسهم في إنتاج 100 ميغاواط من الطاقة الكهربائية النظيفة، بما يكفي لإمداد 20 ألف منزل في الدولة وغيرها من المشاريع.

تضاف إلى ذلك في أبوظبي أيضاً، المبادرات الكبيرة الساعية إلى تأكيد الحرص على الطاقة المستدامة على مستوى ثقافة الجمهور، مثل أسبوع أبوظبي للاستدامة وجائزة زايد لطاقة المستقبل، وفوق ذلك استضافة أبوظبي لمقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا».

وفي دبي تتضح أيضاً الخطوات الخلاقة للحفاظ على بيئة مستدامة، من خلال استراتيجية دبي المتكاملة لتنويع مصادر الطاقة بحلول عام 2030، لتصبح مزيجاً من الغاز الطبيعي بنسبة 71%، والطاقة النووية بنسبة 12%، والفحم النظيف بنسبة 12%، والطاقة الشمسية بنسبة 5%، وضمان مستقبل مستدام للمواطنين والمقيمين.

والشيء ذاته يتضح في كثير من المبادرات المستدامة في جميع إمارات الدولة، ما أوجب هذه الشهادة التي تأتي في وقت تسابق فيه الإمارات الزمن لضبط انهيار المناخ على مستوى الكرة الأرضية، وتطارد فيه اضطرابات العبث الإنساني بالعقلانية المسؤولة، وتقديم بدائل للبشرية مقرونة بالرقي الحضاري، تستفيد من الأرض وخيراتها دون أن تعبث بمقدراتها ومستقبلها، وتنقل الأمانة إلى الأجيال دون النيل من الطموح العالي، لبلوغ أعلى معايير الرقي العمراني، في معادلة متوازنة تنسحب على جميع مفاصل الحياة.

بموازاة ذلك، تنظر الإمارات إلى المستقبل بعين المنافس المثابر، لتدلي بدلوها النقي في الطاقة المتجددة النظيفة، وتعتلي منصة الطاقة لتستدعي العالم أجمع، ليقبل باستضافة الإمارات للدورة الرابعة والعشرين من مؤتمر الطاقة العالمي في عام 2019، وهي الكفؤة لذلك، نظراً إلى المعطيات التي يشهد بها العالم، والجهود المخلصة التي تتحدث عن نفسها، وسنكون على موعد في أكتوبر المقبل للإعلان عن فوزنا بذلك إن شاء الله تعالى.

الإمارات تستحق الإشادة والاستضافة، لأننا نحمل مصداقية العمل من أجل الحفاظ على مصادر الطاقة للأجيال على مستوى العالم، ونقدم نموذجاً عالمياً لافتاً، ذلك أن الإمارات هي الدولة العضو الوحيد في منظمة أوبك التي تعمل على تشجيع وتنمية الاستثمار في أسواق الطاقة المتجددة محلياً وعالمياً.

تؤكد ذلك أيضاً التقارير المختصة في هذا الصدد، وآخرها تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» الذي أكدت فيه أن الإمارات هي المحرك الأول للاستثمار في الطاقة المتجددة في المنطقة، وأنها تعد منصة عالمية للتعاون والنقاش حول الطاقة المتجددة وتغير المناخ، وتبذل جهوداً في إطار تعاونها مع الوكالة، من أجل تسريع انتشار مشروعات الطاقة المتجددة حول العالم، ووضع الأطر اللازمة للانتقال بالعالم إلى مستقبل يتسم بالاستدامة.

ولا شك أن حماية كوكب الأرض من انبعاثات غاز الكربون والسعار المحموم وراء مصادر الطاقة التقليدية، لم تعد ترفاً حضارياً بقدر ما أصبحت اليوم واجباً سياسياً والتزاماً أخلاقياً ومنطلقاً علمياً، تدعو إليه صدمات الواقع الخطر الذي تسير إليه الأرض ما دامت بهذه الفوضى البيئية، وتفرضه أمانة المستقبل التي تتعلق برقاب كل أمة على قدر حضورها العالمي وتأثيرها في الأرض.

فالربح للجميع، والخسارة أيضاً للجميع، والعقلاء هم الأقدر على تجاوز أعظم المخاطر بالاستعداد لها من أول النذر، وإذا استفحلت لا يجدي الأسف والندم، وكما قال بان كي مون: «الزمن يدركنا ويدهمنا، ولا يمكن أن نتفاوض مع الطبيعة..

 لقد بدأت حرارة الأرض بالارتفاع، وهي الآن ترسل إشارات واضحة إلينا، وعلينا الاستماع لها»، وخاطب قادة العالم قائلاً: «لا تكونوا من الخاسرين في التاريخ، فالتغيرات المناخية بحاجة إلى حلول عاجلة».