في موقف وصفه متابعون، بأنه "إعلامي دعائي"، ناقشت لجنة فحص الطعون والشكاوى، التابعة للمجلس الوطني الاتحادي، الشكاوى المقدمة من المواطنين ضد عدد من وزارات الدولة.
إلى هنا يبدو الأمر طبيعياً، كما يقول المراقبون، لكن الأمر المفاجئ أن المجلس الوطني الاتحادي ما قبله هو عشر شكاوى فقط من المواطنين إزاء جهات حكومية، بحسب ما ورد في وسائل الإعلام الرسمية، إلا أن أيضاً من هذه الشكاوى تناولت قضايا سياسية، خصوصاً فيما يتعلق بجهاز أمن الدولة وما يقوم به من عمليات اعتقال بحق مواطنين وغير مواطنين، لأسباب تتعلق بحرية التعبير.
ويتلقى المجلس الوطني الشكاوى إزاء جهات حكـومية اتحادية، "وفق شروط معينة"، ولرئيس المجلس أن يطلب من الوزراء المختصين تقديم البيانات والإيضاحات بالشكوى، وعلى من وُجه إليه الطلب تقديم الإيضاحات المطلوبة خلال ثلاثة أسابيع على الأكثر من تاريخ الإحالة.
مقابل هذه الشكاوى العشرة التي وجدت لها آذاناً صاغية من الدولة، هناك المئات من الرسائل الاحتجاجية والفعاليات المتواصلة حول العالم هدفها لفت الأنظار إلى قضية معتقلي الرأي في دولة الإمارات، لا سيما وأن هناك من مضى على اعتقاله أكثر من ثلاث سنوات.
ويعيد الحال هذا إلى الأذهان هروب ممثل الدولة في بريطانيا السفير عبد الرحمن غانم المطيوعي، من مقابلة مجموعة من الحقوقيين والنشطاء، الذي نظموا وقفة رمزية أمام سفارة الدولة بلندن، للتضامن مع شقيقات معتقل الرأي الدكتور عيسى خليفة السويدي، اللواتي قاربن على دخول شهرهن الثالث مختطفات لدى جهاز أمن الدولة في أبوظبي منذ الخامس عشر من فبراير الماضي، دون تمكن ذويهن من الاتصال بهن ومعرفة مكان احتجازهن أو التهمة الموجهة لهن.
ولم يكتف السفير المطيوعي بالتهرب من اللقاء، بل إنه أوصد أبواب السفارة أمام عدد من الناشطات المتضامنات اللاتي تقدمن إلى مقر السفارة لتسليمه رسالة موجهة لرئيس الدولة خليفة بن زايد ونائبه محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، يطالبن خلالها بالإفراج عن الشقيقات الثلاث، وأغلقت السفارة أبوابها أمامهن رافضة استلام الرسالة، ما استدعى حضور طاقم إعلامي من "بي بي سي" الذي تابع الحدث ووثقه بالصوت والصورة، وهو ما تسبب بإحراج للإمارات أمام الرأي العام العالمي والحكومات الغربية.
وما يثير سخرية بعض المواطنين والمتابعين لأوضاع حقوق الإنسان في الإمارات العدد القليل من الشكاوى ضد مؤسسات الدولة، والتي لم تتجاوز أصابع اليدين، في الوقت الذي تعج فيه بيانات المؤسسات الحقوقية الدولية بانتقادات حادة للوضع الحقوقي، لا سيما عند الحديث عن معتقلي الرأي والذين تجاوز عددهم المائتي معتقل، غالبيتهم من أصحاب الفكر والثقافة والعلم ويحملون مراتب علمية رفيعة.