القوة والغرور وداء العظمة، تلك هي الوصفة السحرية لهستيريا السيطرة والتوسع، التي دفعت بصدام حسين لغزو الكويت، وهي الأسباب التي تدفع قيادة دولة الإمارات، بحسب مراقبين، للتدخل العسكري العلني في أفغانستان وليبيا من جهة، وعلى المساعدة على قلب نظام الحكم في مصر وغزة واليمن من جهة أخرى، بالإضافة لتدخلها السياسي في تركيا، وأخيرا التحريض على القيادة في قطر.
فقد أفرد محللون مساحات واسعة، لمناقشة ما أسموه بـ "فرد العضلات" من الإمارات على دولة قطر، حيث بدأوا باستعراض حالة التوتر عندما اطلقها علانية من وصفوه بـ "كبيرهم الذي علمهم سحر" ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة دبي، بتغريداته المثيرة للجدل على موقع "تويتر" حول كون قطر إماراتية الأصل وكانت تابعة لمشيخة أبوظبي.
كما صعّد خلفان من هجومه ضد القطريين عندما بدأ الحديث عن استصدار جوازات سفر إماراتية للقطريين بالقول: "فقط نصرف جوازات للقطريين صادرة من الإمارات ويعود الفرع للأصل في تلاحم وطني".
إلا أن تلك التغريدات لم تستوقف القيادة الإماراتية، رغم أن تصريحات خلفان تأتي وهو يشغل منصبه في شرطة دبي، مثلما فعلت الأردن مع القيادي الاسلامي زكي بني ارشيد، والذي صدر بحقه حكما بالسجن لثلاثة سنوات وخفف إلى سنة ونصف السنة، على خلفية انتقاده لدولة الإمارات.
ماذا تريد الإمارات من قطر
فبينما يشيد كتاب قطريون بدعم الدوحة للتغيير وخيارات الشعوب العربية، تسهب الأقلام الإماراتية في تقدير موقف أبو ظبي الرافض "لتطرف الإخوان المسلمين وزعزعة الاستقرار"، وهو ما يؤكد المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية، الذي يرى أن سر التباين بين الإمارات وقطر يعود إلى القلق من التقارب بين الدوحة وجماعة الاخوان المسلمين.
مدير تحرير صحيفة العرب القطرية عبد الله بن حمد العذبة، استبعد أن يكون الشأن الخليجي يقف خلف توتر العلاقات بين الجانبين، إذ أكد أن أبو ظبي نقمت على الدوحة بعد أن دعمت الأخيرة توق الشعوب العربية للتغيير، كما رأى أن الشأن المصري بالذات مثّل محطة بارزة في تدهور علاقات الجانبين بعد عزل الجيش للرئيس المنتخب محمد مرسي.
فيما يرى الكاتب الإماراتي حمد الشامسي أن تباين الرؤى حول تقدير مآلات الربيع العربي هو ما باعد بين الدوحة وأبو ظبي وخصوصا بعد وصول الإسلامين للحكم في أكثر من بلد عربي.
ووفق الشامسي، فإن الدوحة تعتقد أن دعم إرادة الشعوب العربية أحد عوامل استقرار المنطقة، بينما ترى أبو ظبي أن الثورات تهدد مستقبل أنظمة الخليج.
تصاعد حدة الهجوم
إلا أن الملاحظ بحسب المراقبين للشأن الخليجي، ظهور لغة هجوم حادة، وتصعيد ضد قطر غير مسبوق خلال الأيام الأخيرة من قبل مغردين معروفين بقربهم من السلطات في أبوظبي وصلت الى حد المطالبة بقصف قطر وتغيير الحكم بها، مما جعل المراقبين يشككون في جدية المصالحة الخليجية، واعتبار أن الشأن المصري هو محدد العلاقات الخليجية الخليجية وليس العلاقات البينية بين دول الخليج العربي.
في الوقت الذي تصاعدت فيه مطالبون "مواطنون إماراتيون" بطرد قطر من مجلس التعاون الخليجي ومن جامعة الدول العربية، كما طالبوا بطرد السفير القطري من الإمارات فورًا، واعتبروه شخصًا غير مرغوب فيه هو ودولته.
لتفتح تلك العلاقات المتوترة الباب في تحليل الأزمة الحاصلة، بين الإمارات وقطر وإلى أين تتجه الأمور.
فبينما يرى مراقبون أنها لن تعدوا كونها بروباغاندا اعلامية للتحريض على دولة قطر بهدف "لجمها" واعلامها وتحديدا "الجزيرة" عن التدخل في ساحات تواجدها وخصوصا مصر وليبيا، يرى آخرون أنها جزء من حرب مخابراتية تتساوق مع مطالب دول غربية بهدف التخريب على قطر في دعمها لبلاد الثورات وكذلك حركة "حماس"، وهو ما أكد عليه المعهد الملكي البريطاني المتخصص بالدراسات الدفاعية والأمنية، حول تورط الإمارات مع اسرائيل في حملة تستهدف دولة قطر في الاعلام الغربي.